ثمّة قضيّة تجارية بحثها الفقهاء ، وهي قضية اعتبار الدين مالاً قابلاً للبيع رغم أنّه مال في الذمّة ، فبحثت مسألة بيع الدين إلى المدين وإلى غيره ، كما بحثت مسألة بيع الدين بأكثر منه وبأقل ، وبيع الدين بثمن حال ومؤجّل ، وفيما يلي نعرض هذه المسائل كما وضّحها المصنّف والشارح :
1 ـ يرى المصنّف : أنّه إذا كان لشخص دين في ذمّة شخص آخر ـ حالاًّ كان الدين أم مؤجّلاً ـ جاز له أن يبيع ذلك الدين على المدين نفسه ، أو على شخص آخر ، ويجب أن يكون ثمنه حالاً غير مؤجّل .
وعلّق الشارح على هذا الرأي موضّحاً : أنّ عقد البيع يكون صحيحاً وإن لم يقبض المشتري المثمن ( الدين ) في مجلس البيع ، ولا يمنع تعذّر قبض المثمن حال البيع من صحّة بيع الدين إلى المديون وغيره . . . إلخ ، معلّلاً عدم بطلان هذا البيع بأنّ الشرط في صحّة البيع هو إمكان القبض بصورة عامّة لا إمكان القبض في حال البيع ، فلو تأخّر القبض ساعة أو يوماً ـ مثلاً ـ عن زمن إنشاء العقد فلا يبطل البيع .
2 ـ يرى الشارح أنّ بيع الدين بثمن حال يقع صحيحاً على الأقوى ، سواء كان الثمن الحال مشخّصاً حين البيع كما لو عرض المشتري للبائع خمسة دنانير أو خمسين كيلو من الحنطة مفرزة عن غيرها ثمناً للدين المشترى ، أو كان مضموناً كما لو جعل المشتري الثمن كلّياً مشاعاً في ملكه فيعطي البائع أيّة خمسة دنانير أو أي خمسين كيلو من الحنطة ـ مثلاً ـ من غير تحديد شخصها ، مستدلاًّ على صحّة بيع الدين بثمن حال ـ المشخّص منه والمضمون ـ بالأصل ، أي بما أنّ هذه المعاملة هي بيع ، فالأصل في البيع صحّة أن يكون الثمن مشخّصاً أو مضموناً ، ولا فرق بين الدين وغيره ، ولأنّ الثمن المضمون ، وإنّ تأخّر أداؤه عن مجلس البيع لا يصدق عليه اسم الدين ؛ لذا فهو ليس بيع دين بدين ، المحرّم في الشريعة .
3 ـ يرى المصنّف عدم صحّة بيع الدين بثمن مؤجّل ؛ لأنّه بيع دين بدين ؛ لما ورد من النهي عن ذلك .