وقال في الرياض ـ في حرمة أخذ الاُجرة على ما يجب على الأجير وجوباً ذاتياً ـ : واُخرج بالذاتي التوصّلي كأكثر الصناعات الواجبة كفاية توصّلاً إلى ما هو المقصود من الأمر بها ، وهو انتظام أمر المعاش والمعاد ، فإنّه كما يوجب الأمر بها كذا يوجب جواز أخذ الاُجرة عليها ؛ لظهور عدم انتظام المقصود بدونه مع أنّه عليه الإجماع نصّاً وفتوى (56).
فتحصّل أنّ المستفاد من مجموع الروايات والفتاوى هو أهمّية حفظ النظام الإسلامي ، وعليه ففي مقام التزاحم مع بعض المحرّمات يقدم وجوب حفظ النظام عليه ، ويسقط المحرّم عن الفعلية بالتزاحم المذكور .
المقــام الخامس : في اتّخاذ العيون أو الإقدام على التجسّس :
1 ـ روي في قرب الاسناد عن الريّان بن الصلت ، قال : سمعت الرضا (عليه السلام) يقول : « كان رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) إذا وجّه جيشاً فأمّهم أمير بعث معه من ثقاته من يتجسّس له خبره » (57). فالتجسّس فيه لكيفيّة عمل الأمير والاستخبارات الحربية .
2 ـ روي في تهذيب تاريخ ابن عساكر عن بريدة أنّ النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) بعث سرية وبعث معها رجلاً يكتب إليه بالأخبار (58).
3 ـ كان النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) يسأل عن المتخلّفين عنه في غزوته .
4 ـ قال رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) : « لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام فأنظر من لم يشهد المسجد فأحرق عليه بيته » (59).
ولكنّه بصدد التفتيش عن المنافقين في جماعة المؤمنين ، ومحمول على ما إذا كان عدم شركتهم في إقامة الصلاة موجباً للإخلال .
5 ـ لمّا حتم قضاء اللّه بفتح مكّة واستوسقت له ، أمّر (صلى الله عليه و آله و سلم) عليهم عتاب بن
(55)جامع المقاصد 4 : 6 . (56)رياض المسائل 5 : 37، ط ـ دار الهادي . (57)قرب الاسناد : 148، اصدار مكتبة نينوى . (58)تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر 6 : 382. (59)أخبار القضاة لابن وكيع 3 : 12.