بعدها بزمان، كما أنّ في هذا الاحتراق ظهرت آثار سخط اللّه على المخالفين في تلك البلاد فاستولى الأعراب على الروم و أخذوا منهم أكثر البلاد و قتلوا منهم جمّاً غفيراً و جمعاً كثيراً و تزداد في كلّ يوم نائرة الفتنة و النهب والغارة في تلك الناحية اشتعالاً.
وقد استولى الإفرنج على سطانهم مراراً وقتلوا منهم خلقاً كثيراً و كلّ هذه الأمور من آثار مساهلتهم في أمور الدين و قلة اعتنائهم بشأن أئمة الدين (سلام اللّه عليهم اجمعين).
وكفى شاهداً لماذكرنا من أنّ هذه الأمور من آثار غضب اللّه تعالى استيلاء بخت النصر على بيت المقدس، و تخريبه إيّاه و هتك حرمته له، مع أنّه كان من أبنية الانبياء و الاوصياء ـ عليهم السلام ـ و أعظم معابدهم و مساجدهم و قبلتهم في صلاتهم و قتل آلافا من أصفياء بني اسرائيل و صلحائهم و أخيارهم و رهبانهم.
وكل ذلك لعدم متابعتهم للانبياء(ع) و ترك نصرتهم والاستخفاف بشأنهم و شتمهم وقتلهم.
ثّم إنّ هذا الخبر الموحش لمّا وصل إلى سلطان المؤمنين... نجل المصطفين السلطان حسين (برّأه من كلّ شينٍ و مين) عدّ ترميم تلك الروضة البهية و تشييدها فرض العين فأمر باتمام صناديق أربعة في غاية الترصيص والتزيين و ضريح مشبّك كالسّماء ذات الحبك، زينة للناظرين و رجوماً للشياطين (وفّقه اللّه تعالى لتأسيس جميع مشاهد آبائه الطاهرين و ترويج آثار هم في جميع العالمين).