سَرِقَةً لِرَجُلٍ آخَرَ وَ لَمْ يَأْتِ وَ سَوْفَ يَأْتِي، فَانْطَلَقْتُ وَ فِي قَلْبِي أَمْرٌ عَظِيمٌ مِمَّا سَمِعْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى الْجَبَلِ، فَصَعِدْتُ إِلَى الْكَهْفِ الَّذِي وَصَفَهُ لِي فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهُ عَيْبَتَيْنِ[1] وِقْرَ رَجُلَيْنِ، حَتَّى أَتَيْتُ بِهِمَا أَبَا جَعْفَرٍ (ع)، فَقَالَ يَا سُلَيْمَانُ إِنْ بَقِيتَ إِلَى غَدٍ رَأَيْتَ الْعَجَبَ بِالْمَدِينَةِ مِمَّا يَظْلِمُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ.
فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَخَذَ أَبُو جَعْفَرٍ (ع) بِأَيْدِينَا فَدَخَلْنَا مَعَهُ عَلَى وَالِي الْمَدِينَةِ، وَ قَدْ دَخَلَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ مَعَهُ بِرِجَالٍ بِرَاءٌ فَقَالَ هَؤُلَاءِ سَرَقُوهَا، وَ إِذَا الْوَالِي يَتَفَرَّسُهُمْ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (ع) إِنَّ هَؤُلَاءِ بِرَاءٌ وَ لَيْسَ هُمْ سُرَّاقَهُ وَ سُرَّاقُهُ عِنْدِي، ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ مَا ذَهَبَ لَكَ قَالَ عَيْبَةٌ فِيهَا كَذَا وَ كَذَا، فَادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ وَ مَا لَمْ يَذْهَبْ مِنْهُ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (ع) لِمَ تَكْذِبُ فَقَالَ أَنْتَ أَعْلَمُ بِمَا ذَهَبَ مِنِّي! فَهَمَّ الْوَالِي أَنْ يَبْطِشَ بِهِ حَتَّى كَفَّهُ أَبُو جَعْفَرٍ (ع)، ثُمَّ قَالَ لِلْغُلَامِ ائْتِنِي بِعَيْبَةِ كَذَا وَ كَذَا! فَأَتَى بِهَا، ثُمَّ قَالَ لِلْوَالِي إِنِ ادَّعَى فَوْقَ هَذَا وَ هُوَ كَاذِبٌ مُبْطِلٌ فِي جَمِيعِ مَا ادَّعَى، وَ عِنْدِي عَيْبَةٌ أُخْرَى لِرَجُلٍ آخَرَ وَ هُوَ يَأْتِيكَ إِلَى أَيَّامٍ وَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَرْبَرَ، فَإِذَا أَتَاكَ فَأَرْشِدْهُ إِلَيَّ فَإِنَّ عَيْبَتَهُ عِنْدِي، وَ أَمَّا هَذَانِ السَّارِقَانِ فَلَسْتُ بِبَارِحٍ[2] مِنْ هَاهُنَا حَتَّى تَقْطَعَهُمَا، فَأَتَى بِالسَّارِقَيْنِ فَكَانَا يَرَيَانِ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُهُمَا بِقَوْلِ أَبِي جَعْفَرٍ (ع)، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِمَ تَقْطَعُنَا وَ لَمْ نُقِرَّ عَلَى أَنْفُسِنَا بِشَيْءٍ! قَالَ وَيْلَكُمَا شَهِدَ عَلَيْكُمَا مَنْ لَوْ شَهِدَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَأَجَزْتُ شَهَادَتَهُ، فَلَمَّا
[1]- العيبة بالفتح: ما تجعل فيه الأشياء و الثياب كالصندوق و غيره. و الوقر بالكسر: الحمل الثقيل.
[2]- برح منه: زال.