قوله ـ في ذيل العبارة المذكورة ـ : « لكن لو تحقّقت نجاستها لم تطهر
بالجريان ».
وفي دلالة ذلك
على ما ذكر نظر واضح ، كما تنبّه عليه غير واحد من الأجلّة ، لجواز كونه مرادا به
عدم كفاية مجرّد اتّصال المادّة في التطهير واشتراط الامتزاج فيه ، كما هو أحد
القولين في المسألة الآتية ، بل لا يبعد أن يقال : بكونه المنساق من نظائر تلك
العبارة كما لا يخفى.
فالإنصاف
: أنّ كلام
المحقّق بالنسبة إلى مسألة التطهير متشابه ، فلا يعلم مذهبه في تلك المسألة بنفس
تلك العبارة ، فإن علم من الخارج شيء يقضي باختياره الكرّيّة يعلم له الموافقة
وإلّا فلا ، وقد يستفاد اختياره إيّاها بما يرجع في الحقيقة إلى استبعاد صرف ، كما
عن الفاضل الهندي حيث قال : « بأنّ المحقّق إنّما يسوّي بين الكرّ والأقلّ من
الباقي منها إلّا ما جرى في الحوض ، ولا يقول بأنّ الباقي إذا نقص عن الكرّ فانقطع
الجريان ثمّ تنجّس ما في الحوض يطهّر بالإجراء ثانيا ، للاتّفاق على أنّه لا يطهّر
الماء النجس إلّا الكرّ أو الماء الجاري » [١] انتهى.
وبالجملة
: لم يعهد من
الأصحاب هنا مخالف في اعتبار الكرّيّة ، عدا ما يوهمه إطلاق عبارات المحقّق في
المعتبر [٢] والشرائع [٣] والنافع [٤].
نعم في الحدائق
[٥] عن بعض الأخباريّين [٦] المفصّل في مسألة انفعال القليل بين الورودين الميل إلى
عدم اعتبار الكرّيّة في الرفع ، اكتفاء بجريان الماء الطاهر عليه بقوّة بحيث
يستهلك الماء فيه ، استنادا إلى ظواهر جملة من الأخبار ، ولكنّ المسألة لو كانت
إجماعيّة فهذا الخلاف غير قادح فيه جزما ، حتّى مع صحّة مستنده فكيف به مع فساد
المستند كما سيتبيّن ، وعلى أيّ حال كان فحجّة
القول باعتبار الكرّيّة وجوه :
أحدها : ظهور الإجماع.
وثانيها : الإجماعات المحكيّة الّتي
منها ما تقدّم ، ومنها ما عن الخوانساري [٧]
من