النهر ، من غير تعرّض فيهما للتشبيه في عدم اعتبار الكرّيّة كما في المشبّه
به ، فلا يستفاد منهما إلّا قضيّة مهملة بخلاف ما عداهما ، فإنّ الإطلاق فيه ممّا
لا إشكال فيه خصوصا في خبر قرب الأسناد « ماء الحمّام لا ينجّسه شيء » [١] وخبر بكر بن
حبيب : « ماء الحمّام لا بأس به إذا كانت له مادّة ». [٢]
ودعوى : كون
الإطلاق منزّلا على الغالب قد عرفت ما فيها بما لا مزيد عليه ، فماء الحمّام حينئذ
مخرج عن قاعدة انفعال القليل بالدليل ، فثبت أنّ الأقوى في النظر القاصر هو القول
الأخير الّذي صار إليه بعض مشايخنا ، قائلا ـ بعد ما أطنب الكلام في تقريب هذا
القول ـ : « فصار حاصل البحث أنّ ما في الحياض حاله كحال الماء الخارج من عين
الجاري ، والحوض الكبير الّذي يأتي منه الماء بمنزلة العين الّتي ينبع منها الماء
القليل ، فلا يقبل ما في الحياض النجاسة سواء كان ما في الحوض الكبير كرّا أو لا ،
وسواء كان المجموع مقدار كرّ أولا ، لكن بشرط اتّصالها بالمادّة وتجدّد الخروج
منها » [٣] انتهى. ولكن الاحتياط في كرّيّة المجموع ، وأحوط منه
اعتبار كرّيّة المادّة أيضا.
الجهة
الثالثة : لهم خلاف آخر في تطهير ماء الحمّام ،
بعد تنجّسه بسبب الانقطاع عن المادّة حين ملاقاة النجاسة ، وفيه مسائل :
المسألة
الاولى : في اشتراط كرّيّة المادّة في رفع
النجاسة عن ماء الحوض الصغير وعدمه ، والّذي صرّح به غير واحد هو
الاشتراط نافين عنه الاشكال ، بل نقل عليه الإجماعات ، الّتي منها ما ستعرف عن
الفاضل الهندي [٤] ، وفي الرياض [٥] نفي الخلاف عنه ، وإن كان بضابطته المعروفة عنه عبارة
عن عدم عثوره على الخلاف حيثما يعبّر به ، لا أنّه عثر على الإجماع ، ولعلّه من
جهة تردّده في مذهب المحقّق ، حيث إنّه قد ينسب إليه المصير إلى عدم اعتبار
الكرّيّة في الدفع والرفع معا ، لإطلاق قوله ـ فيما تقدّم عن المعتبر ـ : « ولا
اعتبار بكثرة المادّة وقلّتها » [٦] وقد يعزى إليه اختيار الاعتبار في الرفع خاصّة ، لمكان
[١] الوسائل ١ : ١٥٠
ب ٧ من أبواب الماء المطلق ح ٨ ـ قرب الأسناد : ١٢٨.
[٢]الوسائل ١ : ١٤٩
ب ٧ من أبواب الماء المطلق ح ٤ ـ التهذيب ١ : ٣٧٨ / ١١٦٨.