ولكن ينبغي
للإنسان أن لا يجعل هذا مخيلة للشيطان ومضماراً للنفس الأمّارة ، فإنهما معتادان
لما عوّدا ، فليجاهد نفسه ليذهب عنه هذا الخاطر ، وقد أشرنا إلى نظيره في تأخير
الصلاة عن وقت الفضيلة لأجل الحر ونحوه.
مع أنّه كما
يمنع الجوع عن الحضور والتوجّه ، فالشبع أيضاً قد يمنعه وإن لم يكن بحدّ الامتلاء
، سيّما في شدّة الحر والبرد ، فإنّا نشاهد الكسل والرغبة عن الصلاة بعد الإفطار
كثيراً.
وأمّا الجمع
بينهما : بأن يأكل قليلاً ثمّ يصلي ثمّ يتم الشبع ، فإنا قد جرّبنا مراراً أنّه
يحرّك الشهوة ولا يسكن الهمة ، ويصعد البخار إلى الدماغ ، وبسببه يختل الحال ويشوّش
النفس ، وربّما يضرّ من جهة التداخل.
فالأولى اعتياد
النفس بتقديم الصلاة ؛ ليصير عادة لها ، إلا أن يكون بحيث لا يتحمل الصبر ويتضرر
به ، فقد يجب حينئذٍ تقديم الإفطار.
والظاهر أنّ
السنة تتأدّى بتقديم المغرب على الإفطار وإن وقع الإفطار أيضاً في وقت فضيلة المغرب.
ولكن الأولى
تأخيره عن التعقيب ، بل وصلاة العشاء ، بل الظاهر من الروايات وبعض الأدلة
المتقدّمة رجحان التقديم ، وإن خرج وقت الفضيلة أيضاً.