من ذلك أنه كما لم يقيم دليل قطعي على عدم تعلق التكليف بالمسببات كذا لم يقم عليه دليل ظني أيض وفيه أنه لا يرتبط بذلك قوله ومن ثم حكى بعض الاصوليين اه لوضوح أن رفع الاستبعاد عن تعلق الامر المسببات معا لا ربط له بالقول بتعلق الامر بالمسببات متعلقة للتكليف ملحوظ مع اسبابها من غير ان يكون المسببات وحدها وقد يتكلف في تصحيحه بجعله إشارة إلى ما ذكر أولا من دفع الدليل القطعي على عدم وجود المسببات فالمراد أنه لما لم يقم دليل قطعي على عدم صرف الامر بالمسببات إلى الاسباب حكى بعض الاصوليين القول باختصاص الوجوب بها من دون أسبابها وهو كما ترى ويمكن توجيه العبارة بارجاعها إلى دفع ما ادعي اولا ومن الاستبعاد بأن يق إن مقصوده من ضم الاسباب إلى المسببات ضمها إليها في التكليف بالمسببات من غير أن يتعلق التكليف بالاسباب بيان ذلك ان هناك وجوها أربعة أحدها أن يكون الاسباب هي المتعلقة للتكليف من غير أن يكون المسببات مكلفا بها ثانيها أن يتعلق التكليف بالمسببات وحدها من غير أن يكون الاسباب ملحوظة معها في التكليف بها ثالثها أن يكون المسببات متعلقة للتكليف ملحوظة مع اسبابها من غير أن يكون الاسباب مكلفا بها رابعها أن يتعلق التكليف بالاسباب والمسببات جميعا وهذا مقصود المستدل بالاستبعاد المذكور ولا يتم له ذلك فإن الذي يقتضيه الاستبعاد المفروض عدم تعلق التكليف بالمسببات على الوجه الثاني فإنه لما كان القدرة غير حاصلة مع المسببات وحدها استبعد تعلق الامر بها بملاحظتها على الوجه المذكور وذلك لا يستدعى تعلق الامر باسبابها ايض لا مكان وقوع الامر بها على الوجه الثالث بأن يكون المسببات مأمورا بها بملاحظة اقترانها مع اسبابها من غير أن يكون الاسباب مأمورا بها أصلا فإن تعلق القدرة بها من جهة اسبابها لا يقتضي أزيد من تعلق التكليف بها بملاحظة اقترانها معها هذا وقد يستدل على تعلق التكاليف بالاسباب دون مسبباتها بوجوه أخر منها إن كل ما يتعلق به التكاليف من أفعال المكلفين ولا شئ من المسببات بفعل للمكلف وإنما هي أمور تابعة للفعل الصادر منه من الحركات الارادية الحاصلة بتحريك العضلات حاصلة عند حصولها من غير أن يباشر النفس إيجادها فلا يكون شئ متعلقا للتكليف ومنها إن المكلف به بالتكاليف المتعلقة بالافعال ليس إلا إيجادها في الخارج لا وجودها في أنفسها إذ ليس الوجود من حيث هو قابلا لتعلق التلكليف به وح فنقول إن إيجاد المكلف للمسبب إما أن يكون عين إيجاده للسبب بأن ينتسب الايجاد إلى السبب إنتسابا ذاتيا وإلى المسبب إنتسابا عرضيا أم إيجادا آخر غير إيجاد السبب لا سبيل إلى الثاني ضرورة أنه ليس هناك الا تأثير اختياري واحد صادر عن المكلف كما يشهد به الوجدان فتعين الاول فيكون الامر بالمسبب عين الامر بسببه لاتحاد السبب و المسبب في الايجاد الذي هو متعلق الامر وحيث إن الايجاد يتعلق بالسبب أولا و بالذات وبالمسبب ثانيا وبالعرض يكون متعلق التكليف في الحقيقة هو السبب و منها أنه لا شك في انقطاع التكليف بفعل المكلف به وإنما وقع الخلاف في انقطاعه حال الحصول الفعل أو في الان الذي بعده وأما قبل حصول ما كلف به فلا كلام في بقاء التكليف وعدم انقطاعه وح فنقول إنه بالاتيان بالسبب المؤدي إلى المأمور به اما أن ينقطع التكليف بالمسبب أو لا لا سبيل إلى الثاني إذ بعد حصول السبب المستلزم لحصول المسبب يكون حصول المسبب بالوجوب ولو بالنظر إلى العادة فلا يكون قابلا لتعلق التكليف به إذ من شرط التكليف كون المكلف به جايز الحصول والانتفاء كما قرر في محله فتعين الاول وذلك قاض بكون المأمور به في الحقيقة هو ما أوجده من السبب لما عرفت من عدم انقطاع التكليف قبل حصول الواجب ويرد على الاول إن ما يتعلق به التكيلف من فعل المكلف يعم ما يكون فعلا له ابتداء أو بالواسطة فإن الافعال التوليدية هي أفعال المكلف ولذا يتصف بالحسن والقبح ويتعلق به من جهتها المدح والذم فإن أريد بفعل المكلف المأخوذ وسطا خصوص الاول فكلية الصغرى مم ومعه لا ينتج الكلية ليثبت به المدعى و إن أريد به الاعم فالكبرى مم وعلى الثاني أنه إن أريد باتحاد التأثير والايجاد ان الامر الحاصل من المكلف ابتداء تأثير واحد فمسلم وهو انما يتعلق بالسبب ثم يحصل بعد حصول السبب تأثير آخر اما من نفس السبب إن قلنا بكونه علة فاعلية لحصول المسبب أو من المبدء الفياض أو غيره إن قلنا بكون الاسباب العادية عللا اعدادية وعلى التقديرين يستند فعل المسبب إلى المكلف لكونه الباعث عليه وإن لم يكن مفيضا لوجوده ابتداء أو مط إذ لا يعتبر في جواز التكليف أن يكون المكلف به فعلا ابتدائيا للمكلف مفاضا منه على سبيل الحقيقة بل يكفي فيه كونه فعلا له عرفا مستندا إليه ولو كان فعلا توليديا له كما مر وإن أريد به وحدة التأثير في المقام مط فهو بين الفساد فإنه إن قيل ح بكون إيجاد المسبب بالعرض بمعنى أنه لم يتعلق به إيجاد على الحقيقة وإن قيل بعدم تعلق الايجاد به بنحو من المجاز فهو واضح الفساد إذ لا يعقل تحقق موجود ممكن في الخارج من غير أن يتعلق الايجاد به على الحقيقة وإن قيل بعدم تعلق الايجاد به منفردا بل به وبسببه معا فهو أيض في الفساد كسابقه إذ من الواضح كون كل من السبب والمسبب فعلا مغاير للاخر بحسب الخارج مباينا له ومن المبين في اوايل العقول عدم إمكان حصول فعلين متعددين متباينين في الخارج بتأثير واحد شخصي متعلق بهما لتوقف كل من فعلين مختلفين كك على تأثير منفرد متعلق به ودعوى شهادة الوجدان باتحاد التأثير في المقام فاسدة جدا كيف ومن البين أن التأثير المتعلق بجز الرقبة مثلا غير التأثير المتعلق بزهوق الروح فكيف يق بحصول الامرين بتأثير واحد غاية الامر أن يكون التأثير المتعلق بأحدهما حاصلا بواسطة التأثير المتعلق بالاخر ومنوطا به في العادة وإن حصل التأثير الثاني من مؤثر آخر بحسب الواقع كما قررنا وقد ظهر بذلك اتحاد مناط الاستدلال في الوجهين وفي الجواب عنهما ثم مع الغض عن جميع ما ذكرنا وتسليم اتحاد التأثير المتعلق بهما بكون نسبة الايجاد إليهما على نحو واحد فكما يمكن أن يكون السبب متعلقا للتكليف يمكن أن يكون المسبب متعلقا له من غير فرق أصلا وح فلا وجه لجعل انتساب أحدهما إليه ذاتيا والاخر عرضيا والحكم بكون الاول متعلقا للتكليف حقيقة