ثمّ لا يخفى عليك أنّ مقتضى شمول الروايتين لمطلق الاستعمال :حمل الكراهة المستفادة منهما على معناها المصطلح , وهو ما كان تركه مطلوبا للشارع بطلب مولوي غير إلزامي , فيشكل اتّحاده مع العبادة في الوجود الخارجي.
وأشكل من ذلك ما عن الشهيد الثاني في الروض من حكمه ببقاء الكراهة مع انحصار الماء.
قال ـ فيما حكي عنه ـ : لا منافاة بين الوجوب والكراهة كما في الصلاة وغيرها من العبادات على بعض الوجوه , فلو لم يجد الماء لم تزل الكراهة وإن وجب استعماله عينا , لبقاء العلّة مع احتمال الزوال [٢].
توضيح الإشكال : أنّ النهي لو كان مورده منحصرا في التطهير , لأمكن التفصّي عن محذور اجتماع الأمر والنهي بإخراج النهي عن حقيقة الطلب , وحمله على الإرشاد إلى كون الفرد المنهيّ عنه أقلّ ثوابا من سائر الأفراد , فإطلاق الكراهة عليه إنّما هو بهذا المعنى إلّا أنّ هذا النحو من التفصّي ـ بعد الإغماض عمّا يتوجّه عليه من الخدشات المذكورة في محلّها ـ إنّما يتمشّى فيما لم يكن بين العنوان المأمور به والمنهيّ عنه عموم من وجه , كما فيما نحن فيه , وأمّا فيه فلا , إذ لا شبهة في أنّه يستفاد من ظاهر النهي بالنسبة إلى مورد الافتراق الكراهة المصطلحة ,