وأمّا عن الطائفة
الأولى : فبأنّا إن أغمضنا عن معارضة بعض من أخبارها بعضا ، واعتبرنا دلالة المجموع
من حيث هو على نفي وقتية ما بعد القامة والقامتين ، تعارض مع الأخبار الكثيرة
المعتبرة الواردة في إتيان جبرئيل بالأوقات للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنه أتى في الغد بالوقت للظهر حين زاد في الظلّ قامة ،
فأمره فصلّى الظهر ، وقامتان ، فأمره فصلّى العصر ، وكذا في سائر الصلوات ، حيث
دلّت على عدم انتهاء الوقت بالقامة والقامتين ، مع ظهورها في الاختيار ، وكونه
مقتضى أصالة عدم العذر.
ومع موثقة زرارة :
« إذا كان ظلك مثلك فصلّ الظهر ، وإذا كان ظلك مثليك فصلّ العصر » [١].
فلو رجّحت الأخيرة
بموافقة الشهرة فهو ، وإلاّ فتتساقطان وتبقى أخبارنا مع أصالة عدم المنع من
التأخير خالية عن المعارض.
وقد يجاب عن
الطائفة الأولى أيضا : بأنها وإن تعارضت مع أخبارنا ولكن أخبارنا راجحة عليها
بموافقة الكتاب ، مع مرجوحيتها بعدم صراحة الدلالة ، إذ كما تضمّنت جملة منها
المنع عن التأخير ، كذا تضمّنت ما هو صريح في الأفضلية.
وصرفها إلى ما
يوافق المنع وإن أمكن ، إلاّ أنه ليس أولى من العكس ، بل هو أولى مع تبديل النهي
في بعضها ب « لا ينبغي » مع التصريح بعفو الله في بعض ، وهو صريح في عدم العقاب
على التأخير ، فلا يجب التقديم ، فالمراد تأكّد الاستحباب. ولا ينافيه الذنب ، لإطلاقه
على ترك كثير من المستحبات.
وفيه : عدم ظهور
دلالة الكتاب فيما يوافق المطلوب ، ومنع اشتمال تلك الطائفة على ما يدلّ على أنّ
المنع إنّما هو على سبيل الأفضلية.
ح ٥.
[١] التهذيب ٢ : ٢٢
ـ ٦٢ ، الاستبصار ١ : ٢٤٨ ـ ٨٩١ ، الوسائل ٤ : ١٤٤ أبواب المواقيت ب ٨ ح ١٣.