الغبار لتيمّم
التراب ، ولا يحتملونها في الثلج والجمد المذابين مع الماء ، وإذا علموا المخالفة
في شيء يقتصرون عليه [١].
أقول : أمّا ثبوت عموم المنزلة بأخبار التشبيه فممنوع ، ولو
سلّم فلا يفيد في كيفية الاستعمال.
ألا ترى أنه إذا
قال الطبيب : إنّ في الإهليلج الشفاء كما أنّ في السقمونيا الشفاء ، لا يفهم منه
اتّحادهما في كيفية الاستشفاء.
وأمّا فهم العرف
عموم البدلية الذي ادّعاه فإنما هو فيما إذا قال : استعملوا الماء في الوضوء كذا ،
وإن لم تجدوه فاستعملوا التراب ، أو التراب بدله ، أو نحو ذلك من العبارات. وإذا
قال : استعملوا الماء كذا ، أو يغسل الوجه واليدين بالكيفية المخصوصة من الماء في
الوضوء ، فإن لم تجدوا الماء فتيمّموا بالتراب ، أو امسحوا بعض وجوهكم به ، فلا
يفهم ذلك أصلا.
انظر إلى قول
الطبيب للمريض : عالج بطلي جسدك بدهن البنفسج ، تدهنه برطل منه قبل أكل الغذاء ،
مبتدئا من رأسك في الحمام بعد غسل البدن ، فإن لم تجده فماء الورد ، أو أطل بماء
الورد ، أو بدله ماء الورد ، أو نحو ذلك. فإنه يفهم منه قطعا أنّ ماء الورد أيضا
يطلى برطل منه قبل الغذاء إلى آخر ما ذكر ، إلاّ أن تثبت المخالفة في موضع بدليل.
بخلاف ما إذا قال : فإن لم تجددهن البنفسج فاشرب المسهل ، أو ضع الدقيق على رأسك ،
فإنه لا يفهم منه المسهل أو الدقيق أيضا يلزم أن يكون رطلا بعد الغذاء في الحمام
إلى آخر ما مرّ.
والحاصل : أنّه
فرق بيّن بين الأمر بفعل آلته شيء وجعل شيء آخر بدلا عن تلك الآلة في ذلك الفعل
، أو جعل فعل آخر آلته شيء آخر بدلا عن ذلك الفعل. والتيمم من قبيل الثاني دون
الأول ، فإنّه لو كان يقول : اغسلوا وجوهكم وأيديكم في الوضوء بالماء ، أو توضّؤوا
بالماء ، فإن لم تجدوا الماء فبالتراب ، أو بدله