والدليل عليه :
صحيحة عليّ : عن السائل الذي يسأل في كفّه ، هل تقبل شهادته؟ فقال : « كان أبي عليهالسلام لا يقبل شهادته
إذا سأل في كفّه » [١].
وموثّقة محمّد : «
ردّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شهادة السائل الذي يسأل في كفّه » ؛ قال أبو جعفر عليهالسلام : « لأنّه لا
يؤمن على الشهادة ، وذلك لأنّه إن اعطي رضي ، وإن مُنِعَ سخط » [٢].
دلّ التعليل على
أنّ صاحب ذلك الوصف ليس مأموناً عن شهادة الزور والكذب ما دام كذلك ، فلا تعرف
عدالته ؛ لأنّ من لا يظنّ عدم ارتكابه الكذب وشهادة الزور كيف يُعرَف بالعدالة؟!
فلا يكون ذلك عادلاً ، ويكون هذا الوصف مانعاً عن الحكم بالعدالة بمعرّفاته أولاً
، فلا تعارض بين الروايتين وعمومات قبول شهادة العدل.
نعم ، لو عرف
أولاً بالعدالة ثم صار سائلاً بالكفّ يلزم استصحاب عدالته وقبول شهادته ؛ إذ غايته
عدم الأمن من كذبه ، الذي مرجعه إلى الشكّ أو الظنّ ، ولا عجب فيه إن لم يثبت
الإجماع المركّب ، فتأمّل جدّاً [٣].
[٣] في « ح » : لا
يقال : حكم الشارع بعدم كونه مأموناً حكمٌ بوجود الشكّ أو الظنّ بالخلاف ، وهو
منافٍ للاستصحاب الذي هو عدم نقض اليقين السابق فيجب رفع اليد عن الاستصحاب هنا ؛
لأعمّيته.
قلنا : هذا إذا كان معناه
أنّه ليس مأموناً شرعاً.
ويمكن أن يكون المراد أنّه
غير مأمون واقعاً وإن كان مأموماً ظاهراً ؛ للاستصحاب.
وفيه : أن لا بدّ في صحّة
الحكم من كلّيّة الكبرى ، فلو كان المراد أنّه غير مأمون واقعاً لم تصحّ كلّية
الكبرى ، وهي : أنّ كل غير مأمون واقعاً لا تقبل شهادته ؛ إذ ليس كذلك ، فإنّ
المأمون الاستصحابي تقبل شهادته ، فيجب أن يكون المراد أنّه غير مأمون شرعاً ،
فيكون هذا منافياً لاستصحابه ، فلا يكون عادلاً بالاستصحاب أيضاً ، فلا تقبل
العدالة الأولية أيضاً ؛ لعدم صحّة استصحابهما هنا. وهذا هو وجه التأمّل منه رحمه
الله تعالى.