والظاهر أنّ صورة
التقصير مراد من أطلق جواز النقض مع المخالفة ، كالشيخ وابن حمزة وابني سعيد والفاضل
في التحرير والإرشاد [١].
وأمّا بدون
التقصير بحسب اجتهاده فلا ينقض حكمه ، لا من نفسه ولا من غيره ، وإن ظهر له بعد
الاجتهاد دليل ظنّي يكون حجّة عنده حال الحكم من غير وجود ما يصلح لمعارضته ، لأنّ
الأدلّة الظنّية ليست كاشفة عن الأحكام الواقعيّة ، وإنّما هي أمارات للأحكام
الظاهريّة ، فإذا لم يقصّر في استفراغ وسعه وبذل جهده بقدر ما أدّى اجتهاده إلى
كفايته من السعي يكون الحكم حكم الله في حقّه وحقّ من يحكم له وعليه ، فلا وجه
للنقض.
وما ذكرنا هو
الضابط في المقام ، بل هو مراد من تعرّض للمسألة من الأصحاب ، وإن اختلف عبارتهم
في تأدية المرام.
المسألة
السادسة : لا ينقض الحكم
بتغيّر الاجتهاد ، لأنّ الحكم كان ذلك في حقّهم قبل التغيّر ، إلاّ إذا كان
التغيّر لأحد الأمرين المتقدّمين.
ولو تغيّر قبل
تمام الحكم وجب بناؤه على الرأي الثاني.
المسألة
السابعة : لو ادّعى
المحكوم عليه عدم أهليّة الحاكم لعدم اجتهاده أو لفسقه ـ وهذا إنّما يتصوّر إذا
كان المحكوم عليه غائبا حين الحكم ، أو ادّعى ظهور عدم أهليّته حال الحكم بعده مع
زعمه أولا أهلا ـ فالخصم في تلك الدعوى يكون هو المحكوم له ، وقد يكون الحاكم أيضا
إذا كانت الدعوى ممّا يوجب ضمانا أو تعزيرا عليه.
ثمَّ هل تسمع تلك
الدعوى على المحكوم له ، أم لا؟
[١] الشيخ في
المبسوط ٨ : ١٠١ ، ١٠٢ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٢٠٩ ، وابن سعيد في الجامع
للشرائع : ٥٢٩ ، والمحقق في الشرائع ٤ : ٧٥ ، التحرير ٢ : ١٨٤ ، الإرشاد ٢ : ١٤١.