مستوفى ، وكون
البناء على مطلق الظنّ في الأحكام والموضوعات ممنوع ، والرجوع إلى أهل الخبرة
واللغة والهيئة فإنّما هو لأدلّة خاصة بها ، فهي الفارقة ، وإن لم يكن فيها دليل
فيمنع الرجوع فيها أيضا.
وممّا قد يجعل
دليلا على كون الأرض مفتوحة عنوة ضرب الخراج من الحاكم وإن كان جائرا ، عملا بأنّ
الأصل في تصرّفات المسلم الصحّة.
واعترض عليه :
بأنّه إنّما يتمّ إذا كان الحكم بكونه خراجيّا مصحّحا لتصرّفه وتسلّطه على الأخذ ،
وأمّا إن قلنا : إنّ فعله ـ كتسلّطه وضربه وأخذه ـ حرام وإن حكمنا بكونها خراجيّة
، فلا.
وردّ : بأنّ
المراد من أصالة صحّة فعل المسلم إنّما هو صحّة فعله على ما يعتقده صحيحا ، فإذا
انحصر عندهم جواز أخذ الخراج في الأراضي الخراجيّة فإذا رأيناهم يأخذون الخراج من
أحد يحكم بصحّة فعله عندهم ، وإن كان أصل الفعل باطلا عندنا.
مع أنّا إذا رأينا
المسلمين في الأعصار يأخذون منهم خراج تلك الأراضي فحمل أفعالهم على الصحيح قد
دلّنا على أنّ الأرض كانت خراجيّة.
أقول : فيه ـ مضافا
إلى أنّ الحمل على الصحّة لو سلّم فإنّما هو في أفعال الشيعة خاصّة ، ومع التسليم
مطلقا لا يثبت إلاّ كون الأرض خراجيّة عند من يأخذ الخراج أو مع من يقبله عنه ،
وذلك غير كاف للثبوت عند مجتهد آخر ، إذ معتقد طائفة لا يفيد لغيرهم ـ أنّ تلك
الأراضي التي يؤخذ منها الخراج لا تخلو إمّا تكون في يد السلطان ، يتقبّلها
ويؤجرها لمن يشاء ، ويأخذ طسقها باسم الخراج ، فهذا اعتراف من صاحب اليد بكونها
خراجيّة ، وهذا كاف في الثبوت ، ولا حاجة إلى الحمل على الصحّة ...