وليس القبول
مقدّمة للواجب المشروط ، بل للمطلق ، لأنّ مع الفرض تحصل الاستطاعة العرفيّة ،
فيصير الحجّ واجبا عليه وإن توقّف إيقاعه على القبول ، كاشتراء عين الزاد
والراحلة.
والتحقيق : أنّ
هذه ليست تحصيل الاستطاعة ، لأنّ بعد تمكّنه ممّا استؤجر له يكون ذلك منفعة بدنيّة
مملوكة له ، حاصلة له ، قابلا لإيقاع الحجّ به ، فيكون مستطيعا ، كمالك منفعة ضيعة
تفي بمئونة الحجّ عليه ، غايته أنّه يبادلها بالزاد والراحلة.
لا يقال : فعلى
هذا يجب تحصيل مئونة الحجّ على كلّ من قدر على الاكتساب وتحصيل الاستطاعة ، فيكون
الحجّ واجبا مطلقا.
لأنّا نقول : إن
كان اقتداره بحيث تصدق معه الاستطاعة العرفيّة فنسلّم الوجوب ولا يصدق وجوب تحصيل
الاستطاعة ، ولا ضير فيه ، وإلاّ فلا دليل على وجوب الاكتساب ، لأنّ ما نقول
بوجوبه هو ما اجتمع مع صدق الاستطاعة العرفيّة.
فإن قيل :
الاستطاعة على ما فسّرت في الأخبار المستفيضة : أن يكون له زاد وراحلة ، فلا تحصل
إلاّ بوجودهما ، ولا يوجدان لمثل ذلك الشخص إلاّ بعد الكسب.
قلنا : المراد
بوجودهما ليس وجود عينهما ، بل أعمّ منها وممّا بإزائها ، والمنفعة البدنيّة إنّما
هي موجودة له ، وهي بإزاء العين ، فمن يصدق عليه أنّه واجد لما بإزاء الزاد
والراحلة ـ إمّا بالبذل أو الإباحة الصريحين ، أو الضمنيّين كما في الهبة ، أو
بعوض يملكه كمنفعة بدنيّة أو ملكيّة ـ يجب عليه الحجّ.
وأمّا من لم يصدق
عليه ذلك وسهل عليه التحصيل ـ كمن يتمكّن من