وقد ظهر بذلك
الجمع بين قول من ظاهره أو صريحه تحتّم إيقاعها ليلا ـ كالعماني والمفيد والنافع
والمفاتيح [١] ـ وقول من قال بجواز التأخير إلى طلوع الفجر بحيث يتقارنان
ـ كآخرين [٢] ـ بحمل قول الأولين على الوجوب التبعي ، وقول الآخرين على
الأصلي.
وصرّح بذلك في
المنتهى ، قال ـ بعد تجويز المقارنة للطلوع ، والاستدلال للمخالف بالنبويّين ـ :
والجواب : أنّه لمّا تعذّر إيقاع العزم مع الطلوع ـ لعدم ضبطه ـ لم يكلّف الرسول
به ، وبعده لا يجوز ، فوجبت القبليّة ، لذلك ، لا أنّها في الأصل واجبة قبل الفجر [٣]. ونحوه في
التذكرة [٤].
فائدة : قد بيّنا أنّ
النيّة المشروطة مقارنتها للعمل أعمّ من الفعليّة ، التي هي عبارة عن حضور العزم
على الفعل متقرّبا في البال ملتفتا إليه.
ومن الحكميّة ،
التي هي عبارة عن حضور العزم المذكور في وقت وعدم قصد الترك ولا التردّد ولا نسيان
العزم بعده ، إلى أن يشتغل بالعمل ، بحيث يكون العزم مودعا في خزينة الخيال وإن لم
يكن ملتفتا إليه أصلا ، وذلك غير النسيان. ألا ترى أنّه لا يقال لكلّ أحد : أنّه
نسي اسمه واسم أبيه وولده ، مع أنّه غير ملتفت إليها في أكثر الأحوال.
نعم ، يكون بحيث
لو التفت إلى العمل لوجد العزم عليه باقيا في
[١] حكاه عن العماني
في المختلف : ٢١١ ، المفيد في المقنعة : ٣٠٢ ، النافع : ٦٥ ، المفاتيح ١ : ٢٤٣.
[٢] منهم الشهيد الثاني
في الروضة ٢ : ١٠٦ ، السبزواري في الذخيرة : ٥١٣ ، صاحب الرياض ١ : ٣٠١.