فتوقف العاملي في
الصورة الثانية ، وتعليله : بأنّه ليس في الأخبار المعتبرة ما يدلّ على علاجها
بالأجسام وتحقّق الطّهر بها ، وإنما هو عموم أو مفهوم مع قطع النظر عن الإسناد [١]. لا وجه له ، لما
عرفت من وجود خصوص النصوص التي منها الصحيح والموثق ، مع أن العموم أو المفهوم
حجّة.
وأما حديث الإسناد
فالأخبار معتبرة بنفسها ، ومع ذلك فالجميع بالشهرة المتحققة والمحكيّة في كلامه
بنفسه [٢] وكلام غيره [٣] معتضدة.
وأمّا صحيحة أبي
بصير : عن الخمر يجعل فيها الخلّ ، فقال : « لا إلا ما جاء من قبل نفسه » [٤] ، فهي عن إفادة
الحرمة قاصرة ، وعلى فرض الدلالة ، فلشذوذها عن إثبات الحرمة عاجزة ، ولإثبات محض
كراهته للتسامح في أدلّتها صالحة. ومع قطع النظر عما ذكر يجب الحمل عليها ،
للمعارضة مع ما مرّ.
وكذا المروي في
العيون : « كلوا خل الخمر ما انفسد ، ولا تأكلوا ما أفسدتموه أنتم » [٥].
مع أن حمل الصحيحة
على أنّ مجرّد جعل الخلّ في الخمر لا يكفي في الاستحالة ـ ردا على أبي حنيفة
القائل به [٦] ـ ممكن.
ولا فرق بين ما
كان المعالج به مائعا أو جامدا ، باقيا أو هالكا ، لإطلاق الأدلّة المتقدمة.