وقد يستدلّ على
ردّهما : بمطلقات غسل الدم ، أو إعادة الصلاة عنه.
وليس في محلّه ،
لعدم وجوب غسل ما دون المقدارين ، وكون الأمر بالإعادة قرينة على إرادة ما زاد
عليهما.
ثمَّ إنّ المستفاد
من الإطلاقات وإن كان نجاسة مطلق الدم من ذي النفس ، إلاّ أنّه خصّ منه عند
أصحابنا الدم المتخلّف في الذبيحة المأكول اللحم ، بعد القذف المعتاد ، فهو طاهر ،
وعليه الإجماع محقّقا ومحكيّا في كلام جمع ، منهم : الناصريات ، والسرائر ،
والمختلف ، والحدائق [١] ، واللوامع ، وغيره [٢].
وبضرورة حلّية
اللحم الغير المنفك عنه ولو غسل مرات ـ كما يظهر عند الغسل والطبخ ـ وعدم وجوب غسل
ما يلاقي هذا اللحم ، وعمل المسلمين في الأعصار والأمصار ، تقيّد الإطلاقات ، لا
بقوله سبحانه (قُلْ لا
أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ)[٣] لأنّ مفهومها مفهوم وصف غير معتبر ، ومنطوقها عامّ غير مقاوم ، مع أنّه لا
يفيد أزيد من عدم كون غير الثلاثة ممّا اوحي تحريمه حين نزول الآية ، فيمكن الوحي
بتحريم غيرها بعده ، أو تحريمه بغير الوحي ، كما وقع التصريح به في الأخبار ، من
أنّ من المحرّمات ما حرّمه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلا يصلح إلاّ لتأسيس الأصل ، فلا يحرم ما لا دليل على
حرمته. وهو الوجه فيما ورد عنهم من التمسّك بها في حليّة بعض الأشياء.
وظهر ممّا ذكر :
لزوم الاقتصار في التخصيص بما ثبت فيه الإجماع ، فينجس ما جذبته الذبيحة بالنفس ،
أو بقي في جوفه لارتفاع ، موضع رأسه ، أو استقرّ في العضو المحرّم كالطحال ، أو
تخلّف في الذبيحة الغير المأكول ، وغيرها من غير المسفوحات ، كدم الشوكة والعثرة
ونحوهما ، من غير خلاف يعرف في شيء منها.