المكلف فيه ،
والتكليف بالجزء الثاني يقتضي أيضاً حفظ القدرة لتصرف فيه ، فان كان مرجح لأحد
الاقتضائين لأهمية الملاك قدم وإن كان متأخراً زماناً ، وإلا يتخير ، والتقدم الزماني
لا أثر له في الترجيح في نظر العقل.
نعم لو قيل بعدم
وجوب حفظ القدرة إلى زمان الفعل وجب القول بتعين فعل الأول ، لعدم المزاحم له حال
فعله. لكنه خلاف التحقيق ، إذ لا فرق في نظر العقل في حرمة تفويت الواجب بتفويت
مقدمته بين ما قبل وقته وما بعده ، والرجوع الى العقلاء شاهد بذلك. اللهم الا أن
يقال : التكليف بالثاني لا يوجب سلب القدرة الخارجية على الأول قطعاً ، كما أنه
إنما يوجب سلب القدرة التشريعية عليه لو كان الثاني أهم ، أما لو كان مساوياً
للأول في الاهتمام فلأجل مزاحمته بالأول لا يصلح لسلب القدرة عليه تشريعاً ، ومع
وجود القدرة الخارجية والتشريعية للمكلف على الأول لا عذر له في تركه فكيف يسوغ له
تركه؟!.
فان قلت : ما
الفرق بين المتزاحمين العرضيين والتدريجيين ، مع أنه لا ريب في التخيير بين
الأولين. قلت : الفرق بينهما أن القدرة الخارجية في العرضيين ليست عرضية حاصلة
بالإضافة الى كل منهما في عرض الآخر بل بدلية حاصلة بالإضافة الى كل في ظرف عدم
الآخر ، ومنتفية عن كل في ظرف وجود الآخر ، فاذا فعل المكلف أحدهما وترك الآخر صح
له الاعتذار عن تركه بعدم القدرة الخارجية عليه ، وليس الحال كذلك في التدريجيين ،
فإن الأول منهما مقدور بالقدرة الخارجية بلا شرط ، والثاني مقدور بشرط عدم فعل
الأول ، فإذا ترك الأول لم يصح الاعتذار عن تركه بعدم القدرة عليه ، وإذا فعله
وترك الثاني صح له الاعتذار عن تركه بعدم القدرة عليه ، وقد عرفت أنه لا نقص في
القدرة التشريعية أيضاً إذا لم يكن الثاني أهم ، فإذا كان الأمر بالثاني لا يوجب
نقصاً في القدرة
نام کتاب : مستمسك العروة الوثقى نویسنده : الحكيم، السيد محسن جلد : 6 صفحه : 132