وأما القسم الثالث
فعلى تقدير ثبوت أفراده قد يشكل الحكم فيه بالاكتفاء بالوضوء لأحد أفراده في
بقيتها ، لأصالة عدم التداخل. وأما الاكتفاء به لأحد أفراد القسمين الأولين فلا
ينبغي الإشكال فيه ، بناءً على ما عرفت من عموم مطهريته. بل لو لم يثبت هذا العموم
أمكن الاكتفاء به في أفراد القسم الثاني ـ بناءً على عدم إرجاعه إلى الأول ـ لتحقق
الشرط وهو كونه على وضوء ، كما لا يخفى.
ويمكن دفع الاشكال
ببناء الأصحاب على التداخل مطلقاً ، إذ لا يُظن من أحد الخلاف في جواز الاكتفاء
بالوضوء المأتي به للصلاة الواجبة أو المندوبة في الدخول بأي غاية تفرض من غايات
القسم الثالث ، إذ المحكي من الخلاف إنما هو في جواز الاكتفاء بالوضوء المأتي به
لقراءة القرآن ونحوها مما لا يعتبر فيه الطهارة. ومنشأ الخلاف إما البناء على
بطلان الوضوء لذلك ، لعدم نية رفع الحدث أو استباحة الصلاة ، أو لعدم ثبوت كونه
مطهراً ، فاذا ثبت عدم اعتبار نية رفع الحدث أو الاستباحة ، وثبت عموم مطهرية
الوضوء ، لم يكن وجه للخلاف المذكور. وبالجملة : لا مجال للتشكيك في بناء الأصحاب
على التداخل في باب الوضوء للغايات ، والخلاف في بعض المسائل إنما هو لشبهة خاصة
به ، فاذا ثبت بطلان الشبهة كان بناؤهم على التداخل محكِّماً ، ومنه يُستكشف رجوع
القسم الثالث إلى القسمين الأولين مع أن البحث في ذلك ليس له مزيد اهتمام ، لما
عرفت من عدم تحصل هذا القسم أو ندرته فلاحظ ، والله سبحانه أعلم.
[١] هذا في القسم
الثاني ظاهر. لعدم تعدد الغايات فيه ، أما الثالث
نام کتاب : مستمسك العروة الوثقى نویسنده : الحكيم، السيد محسن جلد : 2 صفحه : 300