فان منصرف الجميع
ما ذكرنا ، يعني : البيع الصادر من أهله ، والتجارة الصادرة من أهلها. ولا سيما
وأن قوله تعالى ( لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ
بِالْباطِلِ )[١] قرينة على ذلك ، يعني : التجارة من ذوي الأموال ، لا من
الفضولي ، ولا مجال للاستدلال على ذلك بإطلاق التراضي ، فإن الظاهر من التراضي ما
يقابل الإكراه ، وإلا فإن عقد المكره حاصل عن تراض. وكذلك كل عقد صادر من المختار
لا يكون إلا عن تراض. فلا بد أن يحمل القيد على نفي عقد المكره ، وإلا كان مؤكداً
، وهو خلاف الظاهر.
ومن ذلك يظهر
الإشكال في الاستدلال على ذلك بقوله
(ع) : « لا يحل دم
امرء مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفسه » [٢]. مضافاً الى أن السياق يقتضي اختصاصه بالتكليف ، فلا يشمل ما
نحن فيه. وأما ما دل على أن علم المولى بنكاح العبد وسكوته إقرار منه [٣] ، فالظاهر من
الإقرار الإمضاء للعقد إنشاء ، لا مجرد طيب النفس. وأما رواية عروة البارقي المتضمنة : أنه دفع إليه النبي (ص) ديناراً ، وقال :
اشتر لنا به شاة للأضحية ، فاشترى شاتين ، ثمَّ باع إحداهما في الطريق بدينار ،
فأتى النبي (ص) بالشاة والدينار ، فقال له رسول الله (ص) : بارك الله تعالى لك في
صفقة يمينك[٤].
فالوجه في جواز القبض
والإقباض فيها كما يمكن أن يكون لأجل خروج العقد عن كونه فضولياً ، من جهة حصول
الرضا النفساني من النبي (ص) ، يمكن أن يكون من جهة حصول العلم بكون عروة مفوضاً
اليه هذه المعاملة ونحوها من قبل النبي (ص) ، والفعل