بل هو قبول عرفي ،
وحينئذ يمتنع تقدم القبول على الإيجاب. نعم إذا تقدم كان إعمالا للسلطنة ، ويكفي
ذلك عن القبول وإن كان خبراً لا إنشاء لا أنه قبول متقدم. وكذا يمكن أن يكون إنشاء
ممن وظيفته القبول فيكون إيجاباً ، ويكون الإنشاء من الآخر قبولا ، كما إذا قال
المشتري للبائع : اشتريت منك الفرس بدرهم ، فيقول البائع : بعتكها بدرهم ، فان ما
صدر من المشتري إيجاب ، وما صدر من البائع قبول ، لا أن ما صدر من المشتري قبول
متقدم ، وكذلك في المقام.
[١] لا يختص ذلك
بالمقام ، بل يجري في عامة العقود ، كما أشرنا إليه. ويدل عليه في المقام روايتا
أبي الربيع الشامي والنضر بن سويد المتقدمتان.
[٢] بأن يكون
الفعل دالا على الالتزام النفسي دلالة عقلية دلالة المعلول على علته ، لا دلالة
لفظية كدلالة اللفظ على معناه ، كما تقدم نظيره.
[٣] كما صرح به في
القواعد ، قال : « ومن قبول ، وهو كل لفظ أو فعل دل على الرضا » ، وفي المسالك :
استظهر من عدم تعرض الشرائع للقبول مع تعرضه للإيجاب أنه لا يعتبر اللفظ فيه ، كما
ذكره في الإيجاب وفي مفتاح الكرامة : أن القبول الفعلي ليس بقبول ، وأن العقود
عبارة عن الصيغة من الطرفين ، وأن تسمية ما اشتمل على القبول الفعلي عقدا مسامحة.
انتهى. لكنه ـ كما ترى ـ خلاف مرتكزات العرف ، فإنه لا فرق عندهم بين القول والفعل
في الدلالة على الالتزام النفسي الذي هو قوام العقد ، غاية الأمر أن دلالة اللفظ
لفظية ودلالة الفعل عقلية ، وليس بفارق في انطباق عنوان العقد أو عنوان المزارعة
أو غيرهما من العناوين. وحينئذ يتعين العمل بإطلاقات الصحة وعموماتها.
نام کتاب : مستمسك العروة الوثقى نویسنده : الحكيم، السيد محسن جلد : 13 صفحه : 53