وأما الإشكال
باختلاف النقل ـ من جهة إطلاق الأمر في النصوص الأول ، وتعليقه على المشيئة في
رواية القداح وخبر سلمة ـ فلا يهم ، لأنه مع الاختلاف في النقل تجري أحكام
التعارض ، وهي تقتضي الأخذ بالصحاح ، لأنها أصح سنداً ، وأكثر عدداً. مع قرب
احتمال أن يكون المراد من قوله
(ع) : « إن شئت أن
تجهز .. » في خبر القداح :
« إن شئت حججت بنفسك وتحملت الحرج ، وإن شئت استنبت » : نعم لا يجيء ذلك في خبر
سلمة ، لأن المفروض فيه أنه لا يطبق الحج بنفسه. وبالجملة : النصوص الأول ظاهرة
في الوجوب ، والخروج عنه بغيرها خلاف قواعد العمل بالأدلة.
وأما خبر الخثعمية ، المروي عن الزهري ، عن
سليمان بن يسار ، عن ابن عباس : «
إن امرأة من خثعم سألت رسول الله (ص) : إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخاً
كبيراً لا يستطيع أن يستمسك على راحلته ، فهل ترى أن أحج عنه؟ قال (ص) : نعم » [١].
وفي رواية عمر بن دينار زاد : « فقالت : يا رسول الله ، فهل ينفعه ذلك؟
فقال : نعم ، كما لو كان عليه دين تقضيه نفعه » [٢].
فضعيف سنداً ، ودلالة
لعدم ظهوره في الوجوب. ثمَّ إن المذكور في كلام الأصحاب : الهرم ، والمرض ، والضعف
ونحو ذلك مما يرجع الى قصور الاستطاعة البدنية. ولم أقف عاجلا على من تعرض لغير
ذلك من الموانع ـ من حبس ، أو صد ، أو نحوهما ـ مما يوجب فقد الاستطاعة السربية ،
مع أن المذكور في مصحح الحلبي : أن موضوع الاستنابة مطلق العذر [٣]. ونحوه : خبر علي
بن أبي حمزة [٤]. فالتعميم أوفق بالنصوص ، لو لا ما عرفت من ظهور كون
المشهور خلافه.
[١] ، (٢) لاحظ
الخلاف جزء : ١ صفحة : ١٥٦ المسألة : ٦ من كتاب الحج.