نام کتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 8 صفحه : 359
..........
و المحرّم عليها هو النشوز، و ظهور أماراته لا يفيد اليقين به، فلا ينبغي العقوبة على الذنب قبل وقوعه، بخلاف الزجر بالوعظ و الهجر، فإن أمرهما أوسع، و ظهور أمارات المعصية كاف في التنبيه عليها و الزجر عنها. و مرجع ذلك إلى الأخذ بظاهر الآية مع مراعاة الاحتياط في العقوبة، و الوقوف على موضع اليقين حيث يحتمل إرادة النشوز بالفعل من الخوف منه. فالمتحقّق الإذن في الضرب مع وقوعه، و قبله مشكوك فيه.
لكن قد يشكل هذا بالهجر، فإن تفويت حقّها من اللطف و إعطاء الوجه في المضاجعة بمجرّد الاحتمال لا يخلو من إشكال، إلا أن الأمر فيه أسهل كما قلناه، فجاز التعويل فيه على ظاهر الآية.
و وجه عدم توقّف ضربها على الآخرين في هذه الحالة دلالة ظاهر الآية على التخيير بينه و بينهما أو الجمع من غير تقييد.
و فصّل بعض العلماء [1] في الآية تفصيلا آخر، و وافقه العلامة في التحرير [2]، فجعل الأمور الثلاثة مترتّبة على مراتب ثلاث من حالها، فمع ظهور أمارات النشوز يقتصر على الوعظ، و مع تحقّقه قبل الإصرار ينتقل إلى الهجر، فإن لم ينجع و أصرّت انتقل إلى الضرب. و جعلوا المعنى في الآية: و اللاتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ، فإن نشزن فاهجروهنّ في المضاجع، فإن أصررن فاضربوهنّ.
و الأظهر أنه متى احتمل انزجارها بالوعظ لا ينتقل إلى الهجر، و إن لم يجوّزه جاز الهجر، و لا يجوز الضرب إلا مع العلم أنها لا تنزجر بهما، و معه يجوز الضرب و لو في الابتداء كمراتب النهي، و ذلك حيث تتحقّق المعصية، و بدونه يقتصر على
[1] لم نظفر على قائل بالتفصيل من فقهائنا. نعم، هو قول بعض العامّة، راجع الأمّ للشافعي 5: