نام کتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 8 صفحه : 311
..........
و من تبعه [1] إلى الأول، فلا يجب إلا إذا شرع، لأنه بشروعه اقتضى تخصيص الأولى، و العدل واجب بين الزوجات. و هو الذي اختاره المصنف.
و يدلّ عليه أن حقّ الاستمتاع ليس للزوجات، و من ثمَّ لم يجب على الزوج بذله لهنّ إذا طلبنه و إن بات عندهنّ. و الجماع لا يجب إلا في كلّ أربعة أشهر كما مرّ، و المتيقّن كونه حقّا للزوج، فله طلبه متى شاء و الإعراض عنه كذلك. و إنما وجب إكمال الدور مع الابتداء به مراعاة للعدل، و لظاهر قوله تعالى فَإِنْ خِفْتُمْ أَلّٰا تَعْدِلُوا فَوٰاحِدَةً أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ[2] فإنه يدلّ على أن الواحدة كالأمة لا حقّ لها في القسمة المعتبر فيها العدل، و لو وجبت لها ليلة من الأربع لساوت غيرها، و كلّ من قال بعدم الوجوب لها قال بعدمه للأزيد إلا مع الابتداء بواحدة فتجب التسوية.
و لأصالة براءة الذمّة من وجوبها في محلّ النزاع.
و المشهور بين الأصحاب وجوب القسمة ابتداء للتأسّي بالنبيّ (صلى اللّه عليه و آله و سلّم)، فقد كان يقسم بينهنّ كذلك دائما، حتى كان يطاف [3] به في مرضه محمولا فيبيت عند كلّ امرأة ليلة حتى حللنه أن يبيت عند عائشة، و كان يقول:
«اللهم هذا قسمي فيما أملك و أنت أعلم بما لا أملك» [4] يعني من جهة الميل القلبي.
و لقوله تعالى وَ عٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ[5] و الأمر للوجوب. و ليس الأمر هنا للمرّة بل هو للتكرار، و ليس في كلّ الأوقات فبقي أن يكون بحسب ما تقتضيه
[1] راجع إصباح الشيعة ضمن سلسلة الينابيع الفقهية 18: 344.