نام کتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 5 صفحه : 319
..........
و لكن يشكل ذلك عند القائل بجواز هبة الدّين لغير من هو عليه مع توقّفه على قبضه، فإنّه يلزم الجواز هنا كذلك. و ما يقال في الفرق- من أنّ الوقف شرطه التنجيز، و مع عدم تعيّنه يكون تحقّقه موقوفا على أمر آخر بعد العقد، و هو ينافي تنجيزه- يندفع بأنّ الهبة شرطها التنجيز كذلك و لم يمنع صحّتها تأخّر القبض فكذا الوقف، و لأنّ المتأخّر فيه حقيقة هو القبض و هو غير مناف لتنجيز الصيغة كما لو تأخّر مع تعيينها، خصوصا على ما تقدّم [1] نقله في البيع عن الشهيد- (رحمه اللّه)- في بيع السلم قبل القبض على غير من هو عليه من أنّ العقد إذا كان متعلّقه ماهيّة كلّية ثمَّ عيّن في عين شخصيّة انصبّ العقد عليها و كانت كأنّها المعقود عليها ابتداء، إلّا أنّا قد بيّنّا ضعفه ثمَّ. و نزيد هنا أنّ الماهيّة الكلّية لمّا لم يكن لها وجود في الخارج لم يكن الموقوف موجودا حال العقد، فكان في معنى وقف المعدوم و إن وجد بعد ذلك.
و اعلم: أنّه لا فرق في الدّين بين الحالّ و المؤجّل، على الموسر و المعسر، لاشتراك الجميع في المعنى المبطل.
و أما عدم جواز وقف المبهم- سواء استند إلى معيّن كفرس من هذه الأفراس أم إلى غير معيّن كفرس- فلما ذكر في الدّين من أنّ غير المعيّن باعتبار كلّيته غير موجود، و يزيد الثاني أنّه غير مملوك أيضا، و هما مناط الوقف.
و أمّا المنفعة فوقفها مناف للغاية المطلوبة من الوقف من الانتفاع به مع بقاء عينه، لأنّ الانتفاع بها يستلزم استهلاكها شيئا فشيئا، و لا يكفي مجرّد إمكان الانتفاع مع عدم بقاء العين محتبسة، و لجواز التصرّف في العين فتتبعها المنافع فيفوت الغرضان معا. و لو قيل: إنّ استحقاق الانتفاع المؤيّد بالعين يمنع من التصرّف فيها كالعمرى و أختيها التزمنا أنّ ذلك عمرى لا وقف إن جوّزناها بما دلّ عليها من الألفاظ مطلقا، و إلّا منعنا الأمرين و إن شاركته العمرى في هذا المعنى حيث يصرّح بها.