و هو مردود بالإجماع منّا و من فريقه، و فعل النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم فإنّه أخذها منهم [2]. و زعم جماعة من العامة أن نصارى تغلب من العرب لا يؤخذ منهم الجزية، بل يؤخذ منهم الصدقة مضاعفة [3]. و ذهب ابن الجنيد [4] منّا إلى عدم أخذها منهم أيضا لا لذلك، بل لأنّهم لا يقرّون على دينهم، لإخلالهم بالشرط الذي شرطه عليهم رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم من أنّهم لا ينصروا أولادهم. و استقربه في المختلف، محتجّا بأنهم انتقلوا إلى النصرانية بعد الفتح، فلا يكون مقبولا [5].
قوله: «و لو ادّعى أهل حرب أنّهم منهم- إلى قوله- انتقض العهد».
(1) إنّما لم يكلّفوا البيّنة، لأنّ الدين أمر قلبي، و شعاراته الظاهرة ليست جزءا منه، فربّما تعذّر إقامة البيّنة، و لقبول قولهم في دينهم الذين يدينون به. و يتحقق ثبوت خلافها بإخبار شاهدين عدلين باطلاعهم عليهم بخلاف ما يدّعونه، و إن كان العدلان منهم، بأن أسلما و تعدّلا، ثمَّ أخبرا بذلك، لا بإقرار الواحد منهم بالنسبة إليهم، و إن قبل في حقه. و حيث يثبت خلاف مدّعاهم و ينتقض العهد، يجوز اغتيالهم، و لا يجب ردّهم إلى مأمنهم. و الفرق بينهم و بين من تقدّم من أهل الحرب الذين يتوهمون الأمان، فيوجب لهم الجزية، علم هؤلاء بفساد السبب الموجب للأمان، لتعليقه على شيء يعلمون عدمه، فيكون نفي الأمان عندهم معلوما.
[1] نسب ذلك الى أبي يوسف. أنظر المغني لابن قدامة 10: 561.