ويمكن المناقشة في
الأول بأن إعانة المستدين في المعصية إنما يقبح مع عدم التوبة لا مطلقا ، وفي
الرواية بالطعن في السند ، فإنا لم نقف عليها مسندة في شيء من الأصول ، ومن ثمّ
ذهب المصنف في المعتبر إلى جواز إعطائه مع التوبة من سهم الغارمين [١] ، وهو حسن.
واعلم أن العلاّمة
ـ رحمهالله ـ ذكر في التذكرة والمنتهى أن الغارمين قسمان : أحدهما المديون لمصلحة نفسه
وحكمه ما سبق ، والثاني المديون لإصلاح ذات البين بين شخصين أو قبيلتين بسبب تشاجر
بينهما ، إمّا لقتيل لم يظهر قاتله ، أو إتلاف مال كذلك ، وحكم بجواز الدفع إلى من
هذا شأنه مع الغنى والفقر ، ولم ينقل في ذلك خلافا ، واستدل عليه بعموم الآية
الشريفة السالم من المخصص ، وبما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : « لا تحلّ الصدقة لغني إلا لخمس » وذكر رجلا
تحمل حمالة [٢] ، وبأن تحمله وضمانه إنما يقبل إذا كان غنيا فأخذه في الحقيقة
إنما هو لحاجتنا [٣] إليه فلم يعتبر فيه الفقر كالمؤلّفة [٤].
وجوّز الشهيد في
البيان صرف الزكاة في إصلاح ذات البين ابتداء [٥]. وهو حسن إلاّ أنه يكون من سهم سبيل الله لا من سهم
الغارمين.
قوله
: ( نعم لو تاب صرف إليه من سهم الفقراء
وجاز أن يقضي هو ).
لا ريب في جواز
الدفع إليه من سهم الفقراء إذا كان فقيرا ، وإنما يتوقف قضاء دين المعصية من سهم
الفقراء على التوبة إن اشترطنا العدالة ، وإلاّ لم يتوقف جواز الدفع إليه على ذلك
كما هو واضح.