أنه مجاز شرعي ـ جمعا
بين الأدلة ، وأيضا فإن ظاهرهما متروك عند القائلين بالنجاسة ، وذلك مما يضعّف
الاستدلال بهما.
وأما خبر ابن أبي
يعفور فلا دلالة له على النجاسة بوجه ، لأن الأمر بالتيمم لا ينحصر وجهه في نجاسة
الماء إذ من الجائز أن يكون لتغير الماء وفساده على الشارب بنزول الجنب فيه ،
وعليه يحمل النهي الواقع في الخبر.
فإن قلت : إنه قد
ورد الإفساد في أخبار الفريقين ، فمهما اعترض أحدهما فهو جواب الآخر.
قلت : الفرق بين
المقامين ظاهر ، فإن الإفساد في أخبار الطهارة وقع نكرة في سياق النفي فيعم ، وأما
في هذا الخبر فلا عموم فيه أصلا كما هو واضح ، وسيأتي لهذا البحث تتمة إن شاء الله
تعالى.
احتج الموجبون
للنزح خاصة [١] : بالأوامر الدالة عليه ، وهي حقيقة في الوجوب ، كما ثبت
في الأصول.
وجوابه : المعارضة
بصحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع الدالة على الاكتفاء في الطهارة بنزح ما يزيل
التغير خاصة [٢]. مع أنّ الأخبار الواردة بالنزح متعارضة جدا على وجه يشكل
الجمع بينها والتوفيق بين متنافياتها ، وأكثرها ضعيف السند مجمل الدلالة ، وعندي
أنّ ذلك كله قرينة الاستحباب ، وأنّ النزح إنما هو لطيبة الماء وزوال النفرة
الحاصلة من وقوع تلك الأعيان المستخبثة فيها خاصة.
وحجة القول الرابع
وجوابها يعلم من مسألة اشتراط كرية الجاري وعدمه ، والله تعالى أعلم بحقائق
أحكامه.
[١] منهم المحقق في
المعتبر ( ١ : ٥٥ ) ، والشهيد الأوّل في الذكرى : (٩).