والسيّد
والغزّالي يقولان أيضا : انه راجع الى الأخيرة ، ولكن أبو حنيفة يقول : غير راجع
الى الأولى حينئذ ، لأنه ظاهر في الأخيرة فقط وظاهر في عدم رجوعه إلى الأوّل ،
وهما يقولان ، لأنه غير ظاهر في عدم الرجوع إليها ولا في الرجوع.
وأنت إذا
تأمّلت ما ذكرته ، عرفت حقيقة المسألة الأصوليّة والعمل بها وما يتفرع عليها من
الفروع والحكم والنظر فيما فرعوا عليها بعض الفقهاء ، مثل قولهم في مثل قوله : (وله
علي درهم ودرهم الّا درهما) بطل الاستثناء وان ردّه إليهما.
وجهه ظاهر (أمّا)
على القول برجوعه إلى الأخيرة فقط وكونه حقيقة فيها ، فللاستغراق الواضح (وأمّا)
إليهما فلما علمت أنّ مراد القائل به هو الرجوع الى كل واحد ، ولا شكّ أنه مستغرق
لكل واحد واحد أو انه لا بدّ لإرجاع المستثنى الى كل واحد بأن يأخذ من كل واحد
شيئا ، وهنا ليس كذلك إلا بالتأويل الذي ذكره الشهيد والشيخ علي [١] ، واليه أشار بقوله [٢] : (وان رده إليهما) وكذا بقوله في القواعد : لو قال :
درهم ودرهم الّا درهما قيل : ان حكم بعوده إلى الأخيرة بطل والّا صحّ وليس بمعتمد [٣].
والظاهر أن
معناه باطل مطلقا فيلزم الدرهمان ، واختاره في المختلف ، إذ لا ينبغي الاستثناء من
درهم ودرهم فإنه بمنزلة زيد وعمرو الا عمرو.
فتأمل فإن
معناه ان قلنا : انه راجع إليهما أو كان المقرّ قائلا به وعمل بمذهبه أو صرّح به
أو وضع قرينة دالّة على ان مراده الرجوع إليهما الّا ان يصرّح ان
[١] يعني به المحقق
الثاني الشيخ علي بن عبد العالي الكركي شارح القواعد قده.