وأيضا يدل عليه
ما روى مسندا في التهذيب والاستبصار والكافي عن يونس بن يعقوب ، قال : لما رجع أبو
الحسن موسى عليه السلام من بغداد ومضى إلى المدينة ماتت ابنة له بفيد فدفنها ،
وأمر بعض مواليه ان يجصص قبرها ، ويكتب على لوح اسمها ويجعله في القبر [١] وفي الصحاح ان (فيد) منزل بطريق مكة ، وحملها في
الاستبصار على الجواز.
وحمل رواية على
بن جعفر ـ قال سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن البناء على القبر والجلوس عليه؟
هل يصلح؟ قال : لا يصلح البناء عليه ولا الجلوس ولا تجصيصه ولا تطيينه ـ [٢] على الكراهة ، فلا منافاة ، وذلك لا يخلو عن بعد ، إذا
أمره (ع) بالمكروه لا يناسب ، ولو أريد بيان الجواز أيضا ، فتأمل ، وقد جمع بينهما
بحملهما على الابتداء وبعد الاندراس لكن مع الكراهة بعده.
وقد حملتا أيضا
على قبور الصلحاء والعلماء والذرية المطهرة ، لحصول الثواب بزيارتهم ، وعلى غيرها
، وهما أيضا لا يخلو ان عن بعد ، سيما الثاني ، إذ قل قبر مؤمن لا يحصل الثواب
بزيارته ، فلا يناسبه النفي ، ومع ذلك يمكن العلامة على وجه ، غير التجصيص
والتطيين ، مثل وضع حجر كما نقل عن فعله صلى الله عليه وآله في قبر عثمان بن مظعون
[٣] وخشب مع كتبة الاسم.
ويمكن الحمل في
التطيين على طين قبره وطين غيره لحمل المطلق على المقيد في الجملة ، والتعميم
بالكراهة في التجصيص مطلقا ، وخرج قبرها [٤] للنص بخصوصه لعل الأول أولى ، للأصل ، وظهور ما يدل على
الجواز في الابتداء فقط ، ولا يدل على عدم الكراهة بعد الاندراس شيء ، بل لا يظهر
القول بذلك أيضا ، فيحمل خبر على
[٣] جامع احاديث
الشيعة ، باب (٤٤) من أبواب دفن الميت حديث ـ ٤ ولفظ الحديث هكذا (الدعائم عن على
عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله لما دفن عثمان بن مظعون دعا بحجر
فوضعه عند رأس القبر. وقال : يكون علما لا دفن فيه قرابتي)