وهل يجب الدية
حينئذ أم لا؟ فظاهر المتن لزومها لئلا يلزم ابطال دم امرئ مسلم كما يقتضيه ما روي
عنه صلّى الله عليه وآله [١] وعنهم عليهم السّلام في عدّة اخبار : لا يبطل دم امرئ
مسلم [٢].
ولقوله تعالى «وَمَنْ قُتِلَ
مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً»[٣].
وفيه تأمل ظاهر
بناء على المذهب المشهور ، فإنّ الواجب ما كان إلّا القصاص ، وقد تعذّر فسقط
بتعذّره ، فوجوب عوضه يحتاج إلى دليل آخر ، ولا دليل ، إذ الرواية وان كانت صحيحة
مخصوصة بالإبطال اختيارا بسبب من المكلّف ولهذا لو مات ولا مال له ولا قريب له
يبطل ، بالإجماع.
وغير صحيحة بل
ظاهرة في كون الدية في مال القاتل ، وهو ظاهر.
ولا مال لأنّه
ما دام حيّا ما وجب في ماله شيء وبعد الموت لا مال له ، وإيجابه على مال الورثة
الذي انتقل منه إليهم يحتاج إلى دليل.
والآية غير
ظاهرة في الدية ، فإنّ الظاهر انّ المراد منها السلطنة على قتله ، ولهذا لا تسلط
له على أخذها مع حياة الجاني على المذهب المشهور.
نعم هو متوجه
على مذهب ابن الجنيد وابن أبي عقيل ، فإنّه إذا كان
[١] سنن الترمذي باب
١٠ ما جاء لا يحلّ دم امرئ مسلم ج ٤ ص ١٩ ولفظ الحديث. عن عبد الله ابن مسعود قال
: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يحلّ دم امرئ مسلم إلخ. وعوالي
اللآلي ج ٢ ص ٣٦٥ وفيه «وروي عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : لا يبطل دم
امرئ مسلم» وراجع كنز العمال ج ١ ص ٨٧ وص ٩٠ وص ٩٢ وفيه «لا يحلّ دم امرئ مسلم.
إلخ». ولم نجد إلى الآن في كتب العامة التعبير بلفظة «لا يبطل».
[٢] الوسائل الباب ٢٩
من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ والباب ٤٦ من تلك الأبواب الرواية ٢ والباب ٤
من أبواب العاقلة الرواية ١.