والذي يفهم منه
ـ ومن العرف أيضا ـ أن البغض نوع عداوة وكراهة بحيث لو وصل إليه نعمة يتألّم به ،
وإذا فارقت منه يسرّه ، أو قريب من ذلك.
والظاهر أن
مجرد الاستثقال ليس ببغض ، لا لغة ولا عرفا ، ولو كان ذلك لأشكل إذ قد يثقل على
النفس لا بسبب دينيّ ، بل ليس له ميل إلى اختلاطه ، بل اختلاط أحد لا بسبب بل هكذا
يقتضي طبعه ، إذ قد يكون بسبب غير دينيّ ، مثل شغله عن أمره ولو كان من اكله وشربه
وسائر لذّاته ، وبالجملة هو معنى نجده في النفس غير الذي فسّر به.
ثم إنه ـ بالتفسير
الذي ذكر ـ يحتمل تحريم بغض غير المؤمن أيضا ، فإنه إذا أبغض غيره ، فلدنيا (للدنيا
ـ خ) فليس له وجه معقول يقتضي اختصاص عدم تحريمه ، فإن الظاهر أن بغض غير المؤمن
ليس بحرام ، لأن بغضه من حيث أنه غير مؤمن وهو سبب دينيّ ، فتأمّل.
وأيضا تحريم
الهجر ـ بدون البغض والغيظ والكدورة والاستثقال الذي هو معنى البغض عنده ـ غير
معلوم وإن ورد أخبار كثيرة دالّة على تحريمه على الوجه الذي فيه مبالغة بحيث يفهم
كونه كبيرة بل أشدّ.
ولكنّ الظاهر
تأويلها ، فإن تحريمه مطلقا غير معلوم أنه مذهب للأصحاب ، ولهذا ترى أنه واقع من
الصلحاء والأتقياء بل الأنبياء والأولياء ، بل لا يمكن العمل به ، فإن المؤمنين
كثيرون ، وإذا كان هجر كلّ واحد حراما ، فلا يشتغل بشيء إلّا