و قيل بالترجيح بأحد الأمرين، و قيل بكليهما، فمنهم قال
بالترتيب و منهم من قال بدونه. فنقول:
اما أدلة «البينة على من ادعى و اليمين على من أنكر» فلا يمكن الرجوع
إليها في هذه الصورة، لأن كليهما ذو بينة و ليس لأحدهما يد على العين، نعم اثر
البينتين نفى الثالث، لان العين هي في الواقع لأحدهما لكنه مجهول، و لذا قيل هنا
بالقرعة لأنها لكل أمر مشكل عملا ببعض الاخبار، لكن أخبار القرعة هنا تشتمل على
اليمين أيضا. و كيف كان فالأولى ذكر نصوص المسألة مع التأمل في مداليلها:
(1) عن أبى بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل.
و ذكر أن عليا عليه السّلام أتاه قوم يختصمون في بغلة فقامت البينة
لهؤلاء أنهم أنتجوها على مذودهم و لم يبيعوا و لم يهبوا «و قامت البينة لهؤلاء
بمثل ذلك» فقضى عليه السّلام بها لأكثرهم بينة و استحلفهم.»[1]
(2) عن داود بن سرحان «عن ابى عبد اللّه عليه السّلام: في شاهدين شهدا على أمر
واحد و جاء آخران فشهدا على غير الذي شهدا عليه «شهد الأولان» و اختلفوا.
قال: يقرع بينهم فأيهم قرع فعليه اليمين و هو أولى بالقضاء»[2].
(3) عن الحلبي قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجلين شهدا
على أمر، و جاء آخران فشهدا على غير ذلك فاختلفوا. قال: يقرع بينهم فأيهم قرع
فعليه اليمين و هو أولى بالحق»[3].
(4) عن سماعة قال: «ان رجلين اختصما الى على عليه السّلام في دابة
فزعم كل واحد منهما انها نتجت على مذوده، و اقام كل واحد منهما بينة سواء في
العدد، فأقرع