و يمكن التفصيل بين فعل العبادات و ترك المحرمات، و توجيه الأوّل باللطف و الثاني بدفع المفسدة، و كأنّ هذا أظهر من الكتاب و السنّة الواردة في بيان علّية شرع الواجبات و المحرمات.
(و) قد تلخّص ممّا ذكرنا أنّه لا يعتبر شيء في الوضوء على وجه الغائية إلّا (القربة) التي هي أعلى الغايات و أشرفها لمن يطع اللّه لتحصيل الفوائد و الغايات، و إلّا فالإنسان الكامل لا يقصد بطاعته القربة من حيث إنّها فائدة عائدة إليه، بل الباعث له أهلية المطاع للإطاعة، فيريد التقرّب إليه لأنّه محبوب عنده، فلا داعي له على الفعل إلّا القيام بما يستحقّه المطاع من حيث ذاته لا من حيث إحسانه إليه.
و دونه: من يقصد بطاعته أداء بعض ما يستحقّه اللّه عليه من الشكر، و لا يقصد بها عود فائدة إليه، و لو أراد من شكره مزيد النعم أو دوام الموجود خرج عن غاية الشكر.
و دونه: من يقصد مجرّد الرفعة و التقرّب عنده فلا شيء أحبّ إليه منه، و هذا أوّل مراتب الطالبين بإطاعتهم تحصيل الفوائد لأنفسهم.