و يمكن حمله على أنّ المراد بالحصر في إذاعة السرّ حصر المقصود المهمّ من الكلام في الإفشاء، فكأنّه لكمال العناية به هو المعنيّ لا غير، و أمّا الاطّلاع على العيوب الظاهرة الّذي تخيّل الناس أنّه المعنيّ لا غير، بل الاطّلاع على العيوب الباطنة بالتجسّس عنها الّذي هو أشدّ من الأوّل، فكلاهما سهل في جنب الإفشاء، و بذلك يجمع بينهما و بين موثّقة حنان «قال:
دخلت أنا و أبي و عمّي و جدّي حمّاما بالمدينة فإذا رجل دخل بيت المسلخ، فقال: ممّن القوم؟ فقلنا: من أهل العراق، قال: و أيّ العراق؟ قلنا: كوفيّون، قال: مرحبا بكم يا أهل الكوفة! أنتم الشعار دون الدثار ثمّ قال: ما يمنعكم من الأزر؟ فإنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) قال: عورة المؤمن على المؤمن حرام (إلى أنّ قال) فسألنا عن الرجل؟ فإذا هو عليّ بن الحسين (عليه السلام)» [1].
أقول: و قد ورد في غير واحد من الأخبار ما يظهر منه الكراهة.
منها: المحكيّ في الفقيه عن النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): «انّه كره دخول الحمّام إلّا بمئزر» [2] و نحوه نبويّ آخر [3].
و موثّقة ابن أبي يعفور، قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) أ يتجرّد الرجل عند صبّ الماء ترى عورته، أو يصبّ عليه الماء، أو يرى هو عورة الناس؟ فقال: كان أبي (عليه السلام) يكره ذلك من كلّ أحد» [4].
[1] الكافي 6: 497 باب الحمّام، الحديث 8. و أورد قطعا منه في الوسائل 1: 368، الباب 9 من أبواب آداب الحمّام، الحديث 4.
[2] الفقيه 4: 357، و الوسائل 1: 369، الباب 9 من أبواب آداب الحمّام، الحديث 8.
[3] الفقيه 4: 7، و الوسائل 1: 369، الباب 9 من أبواب آداب الحمّام، الحديث 9.
[4] الوسائل 1: 364، الباب 3 من أبواب آداب الحمّام، الحديث 3.