من يدعي الشهرة أو الاجماع أن الاستناد لم يكن اليهما، بل المسألة من التفريعات التي يدخلها الاجتهاد، وفي مثلها لا يكون الاجماع حجة فضلا عن الشهرة بل الظاهر انه لم يكن للشارع إعمال تعبد في تطهير النجاسات إلا ما استثني مما نص على كيفية تطهيره، والشاهد عليه أن الروايات الواردة في باب تطهير أنواع النجاسات على كثرتها لم تزد إلا الامر بالغسل أو الصب في بعض الموارد من غير تعرض لبيان الكيفية إلا نادرا، والتنصيص في بعض الموارد على التعدد كالبول أو على كيفية خاصة كالولوغ دليل على كونها في مقام البيان في سائر النجاسات أيضا فاطلاق الامر بالغسل فيها يكشف عن عدم طريقة خاصة في التطهير، فدعوى ورود تعبد خاص زائدا على لزوم الغسل في غير محلها. ولا لان الغسل متضمن للعصر لغة أو عرفا، وإن قال المحقق في المعتبر: الغسل يتضمن العصر، ومع عدم العصر يكون صبا ثم قال: ويجري ذلك - أي قولهم يغسل الثياب والبدن - مجرى قول الشاعر: " علفتها تبنا وماء باردا " ثم استشهد برواية الحسين بن أبي العلاء حيث قال: " في الجسد يصب عليه الماء مرتين، وفى الثوب اغسله مرتين " [1] فجعل الصب مقابل الغسل، ثم قال: " أما الفرق بين الثوب والبدن فلان البول يلاقي ظاهر البدن ولا يرسب فيه، فيكفي صب الماء لانه يزيل ما على ظاهره، وليس كذلك الثوب لان النجاسة ترسخ فيه فلا تزول إلا بالعصر " انتهى. والظاهر من كلامه أن العصر مأخوذ في مفهوم الغسل. فلا بد في الثياب من الغسل ولا يكفي فيها الصب، لانه لا يزيل النجاسة التي [1] الوسائل - الباب - 1 - من أبواب النجاسات - الحديث 4