و دعوى العكس- بإرادة مطلق الجدار الشامل للشبّاك بقرينة إطلاق المقاصير- بعيدة، أوّلا؛ لأنّ لفظ «الستر» أقوى ظهورا في غير الشبّاك من شمول إطلاق المقاصير له بعد تسليم الإطلاق، و غير نافعة ثانيا؛ لأنّ غاية الأمر إجمال الصحيحة بالنسبة إلى حكم الشبّاك، فيرجع فيه إلى الأصل و العمومات الدالّة على صحّة الجماعة، فتأمّل.
هذا كلّه على تقدير قول الشيخ ببطلان الصلاة خلف المقاصير المخرّمة و جعلها مع الشبابيك في حكم واحد، و إلّا فقد قال في الذكرى: يظهر من الشيخ في المبسوط و أبي الصلاح عدم الجواز مع حيلولة الشبّاك؛ لرواية زرارة مع اعتراف الشيخ بجواز الحيلولة بالمقصورة المخرّمة، و لا فرق بينهما [1]، انتهى.
و على هذا، فلا خلاف في جواز الحيلولة بالمقصورة المخرّمة، و إنّما منع الشيخ و تبعه أو الصلاح في الشبّاك، و حينئذ فيحتمل أن يراد من الشبّاك- كما ذكره بعض [2]-: ما يعمل من القصب و نحوه على نحو عمل الحصر و البواري، بتشبيك القصب بعضه في بعض، و هذا غالبا مانع عن مشاهدة من خلفه، و لو كان الشبّاك مثل المقصورة المخرّمة، فلا يظهر من عبارة الشيخ المحكيّة عن المبسوط منعه، قال في المبسوط- على ما حكي عنه-: الحائط و ما يجري مجراه ممّا يمنع من مشاهدة الإمام يمنع من صحّة الصلاة و الاقتداء بالإمام، و كذلك الشبابيك و المقاصير تمنع من الاقتداء بإمام الصلاة إلّا إذا كانت مخرّمة لا تمنع من مشاهدة الصفوف [3]، انتهى.
[1] الذكرى: 272، و انظر المبسوط 1: 156، و الكافي في الفقه: 144.