و لو ارتكب الصغيرة عازما على فعلها مرة
أخرى أو عزم على إيقاع الصغائر و لم يفعل بعد فهل تزول عدالته؟ قال في الجواهر:
الظاهر عدم إحراز وصف العدالة معه لاحتمال صدق «الإصرار» و حينئذ لا تقبل شهادته،
لاعتبار وجود وصف العدالة في الشاهد، و هذا يكون بناء على عدم وجوب التوبة، و أما
على وجوبها فان العازم على المعاودة على المعصية تارك للواجب و ترك المواجب معصية
كبيرة، بل ان الإكثار من الارتكاب و التوبة لا يبعد ان يكون إصرارا على المعصية.
و أما بناء على عدم وجوب التوبة فإن العزم على المعصية ليس معصية و
المفروض عدم المواقعة ثانية بعد، فلا وجه للتوقف في قبول شهادته، اللهم الا أن
يكون ترك التوبة «إصرارا» كما يفيده خبر جابر عن الباقر عليه السلام. لكن قد عرفت
تضعيفه إياه.
هذا كله في الصغيرة على الحال الذي عرفت.
قال المحقق: (أما لو كان في الندرة، فقد قيل: لا يقدح لعدم
الانفكاك منها الا في ما يقل، فاشتراطه التزام للأشق، و قيل: يقدح لإمكان التدارك
بالاستغفار، و الأول أشبه).
أقول: نسب القول الأول إلى المشهور و اختاره المحقق، و جعله صاحب
الجواهر أشبه بأصول المذهب و قواعده، و القول الثاني الى ابن إدريس.
و قد استدل المحقق للأول بأن الإنسان لا ينفك من مواقعة الصغيرة
فاشتراطه التزام للأشق، إذ تتوقف شئون الناس و أمورهم المعتبر فيها العدالة،
فيقعون في الحرج، و هو منفي في الشرع لقوله تعالى
«ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» أو
يقع الشخص غير المنفك نفسه في حرج، و لكن النهي عن المواقعة يكشف عن عدم كون الترك
حرجيا.