لكنّ الإنصاف، انّه لو لم ينعقد الإجماع على الخلاف قوي القول بجواز الدفع إلى كل محتاج في آن حاجته، و إن كان عرض له ذلك في زمان يسير و لو بسوء اختياره كما هو مقتضى العمومات. بل ربما اختار بعض مشايخنا المعاصرين [1]: اعتبار التكسب الفعلي في تحقق الغنى، فيعطى القادر على الحرفة و الصنعة إذا لم يشتغل بهما فعلا باختياره و إن كان حين الإعطاء قادرا، لكنه خلاف ظاهر النصوص و الفتاوى و إن كان ظاهر بعض العبارات ربما يوهم اعتبار الفعلية، و قد استفاضت النصوص: بأنه «لا تحل الصدقة لغني و لا لذي مرّة سوي» [2]، و إن كان في بعض الأخبار انّ ذيله ليس قول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم)[3] لكن الظاهر كما فهمه غير واحد [4]: أنّ المراد عدم الحاجة له [5] لدخوله في الغني، مع انّه لا دلالة في ذلك على شيء.
و على أيّ تقدير، فلا إشكال في حرمة الأخذ حال القدرة على التكسب، إلّا إذا ترك التكسب للاشتغال بأمر واجب و لو كفاية كتحصيل علم، و يحتمل تعيّن الواجب الكفائي على من لا يحتاج إلى الكسب؛ لأنّ المحتاج إليه مشغول الذمّة بواجب عيني، و لو كان طلب العلم مما يستحب في حق الطالب فالظاهر أنّه لا يسوغ ترك التكسب كما في سائر المستحبات لصدق الغنى و المحترف و القادر على ما يكف به نفسه عن الزكاة، و الإذن في طلب العلم بل الأمر الاستحبابي به لا يوجب الإذن في ترك التكسب، بل طلب تركه المستلزم لجواز