فلا يصدق الاكراه، فالتفصيل بين القول والفعل في غير محله. وتوهم أن في التورية يكون أصل التكلم بالكلام مكرها عليه، فأثره مرفوع بالحديث في غير محله، لان الاثر مترتب على الخصوصية، وهو مختار فيها، وإلا أمكن أن يقال بمثله في الفعل أيضا أحيانا. ثم إنه على فرض عدم صدق الاكراه مع إمكان التورية لا يصح إلحاقه حكما به بواسطة الادلة التي أخذ عنوان الاكراه في موضوعها كحديث الرفع وما ورد في طلاق المكره وعتقه، وكذا معاقد الاجماعات والشهرات المدعاة، لعدم إمكان الالحاق بها، ضرورة عدم تعدي الحكم عن موضوعه وعدم مفاد لها إلا تعليق الحكم على المكره والاكراه. فما أفاده الشيخ الاعظم (قده) من أن حملها على صورة العجز عن التورية لجهل أو دهشة بعيد جدا، كما ترى. وأما ما ورد في الامر بالكذب للتخلص عن الظالم [1] من غير ذكر لزوم التورية فلعل وجهه انها غير سهلة لنوع المكلفين، فلو ألزموا بها لوقعوا نوعا في الضرر، وهذا لا يوجب جواز الكذب لو أمكن التخلص عنه بلا خوف ومع سهولة. وأما ما يقال - من أن الكذب عبارة عن كلام ظاهر في معنى غير مطابق للواقع فالتورية كذب - فممنوع عرفا ولغة، فانه عبارة عن الاخبار بما لا يطابق الواقع من غير دخالة لظهور الكلام أو فهم المخاطب فيه، ولهذا لو أنشأ بكلام ظاهر في الاخبار بما لا يطابق الواقع لا يمكن أن يقال: إن إنشاءه إخبار كاذب. وأما ما يقال - من أنها مشتركة مع الكذب ملاكا وحكما لان مفسدته كالاغراء بالجهل والايقاع في المفسدة موجود فيها - فمدفوع، لعدم كون [1] الوسائل - الباب - 12 - من كتاب الايمان.