الارتكاز العرفي كما انه يفتح آفاقا في عملية الاجتهاد لا يمكن حصرها في العملية التجريدية المحصورة بين النصوص و التصورات و الفروض و قد يضيف للاجتهاد و الأعلمية شرطا جديدا و بعدا و محتوى أصيلا يحتاج فيه إلى مثل هذا الفهم المعايشة [1].
الثالثة:
الجرأة و الشجاعة العلمية في الوصول إلى النتائج و تبنيها.
فإن الإمام الحكيم و ان كان يلتزم في مبانيه الأصولية بالإجماع و كذلك بتأثير شهرة رواية الخبر و قبوله العام في الفتوى على العمل به. و بالتالي فهو يعطي دورا و أهمية لآراء العلماء و متبنياتهم. الا انه مع ذلك يفرق بين حالتين في هذا المجال:
إحداهما:
حالة افتراض تلقي العلماء و الرواة للحكم الشرعي أو خصوصية فيه من الأئمة (عليهم السّلام) لم تنعكس على النصوص أو القرائن المحيطة بها.
و في هذه الحالة يولي الإمام الحكيم هذا الأمر دورا في الاستنباط و يدخل كعامل مؤثر في هذا المجال.
و ثانيهما:
حاله تنبع من عناصر ذاتية في المجتهد و العالم كالاحتياط في مقام الفتوى، و الابتعاد عن الشبهات، أو الاستظهار، أو الفهم الخاص للنصوص و التأثر بالأوضاع الاجتماعية التي كان يعيشها المسلمون في العصور السابقة، أو فكره تقديس آراء المحدّثين الأوائل و الفقهاء السابقين أو غيرها من العناصر ذات القيمة الذاتية، لا الموضوعية.
فإن في مثل هذه الحالة نجد الإمام الحكيم يملك الشجاعة الكافية و الجرأة الأدبية لاتخاذ الموقف الحازم في تبني النتائج العلمية في الفتاوي و الأحكام، و يمكن أن نلاحظ بوضوح في عدة فتاوى مهمة للإمام الحكيم إذا
[1] قليل هم أولئك المجتهدون الذين يتصفون بهذه الصفة حيث نجد الكثير منهم يعيش عزلة اجتماعية أو ضيق في دائرة المعايشة الاجتماعية و حبس للنفس و التفكير في اطار النصوص و الأوساط العلمية تشبه عملية الممارسة التجريبية التي يعيشها علماء الطبيعة و التي يتميزون فيها أيضا بوجود المختبرات و التجارب.