و في بعد رابع من هذا الموضوع، دافع الإمام الحكيم و إلى النفس الأخير عن بقاء حوزة النجف مفتوحة أمام جميع أقاليم العالم الإسلامي، للاستفادة من ينابيعها الثرية، و مدارسها العلمية الفنية، و منهجها في التربية. و كانت الأوضاع السياسية تضغط من أجل أقلمة النجف أو جعلها عربية على أفضل تقدير.
و قد تحمل الإمام الحكيم في سبيل هذا الفهم للحوزة بكل هذه الأبعاد آلاما و معاناة و محن داخلية و خارجية انتهت به بعد ذلك إلى موتة تشبه موتة الشهداء.
3- وضع أسس الاستقرار و الثبات
من الواضح ان الحوزات العلمية الإمامية تمتاز عن غيرها من المؤسسات العلمية في العالم الإسلامي، بأنها تعتمد في ميزانيتها على اللّه تعالى، و الدعم الشعبي للمؤمنين من خلال الحقوق الشرعية، و تدار أيضا بطريقة ذاتية تطوعية، سواء على مستوى المراجع أو المدرسين، أو اختيار المناهج عبر مجموعة من التقاليد و الالتزامات الأخلاقية أو السلوكية العامة، أو الانتخاب الفردي الحر.
و لا تمنح شهادات أو وثائق لخريجيها، و لا توجد جهة رسمية تعترف بها، أو تهيمن على شئونها.
و هذه الخصائص في الوقت الذي كانت تمثل امتيازا مهما من الناحية الروحية و المعنوية و في علاقاتها بالأمة، لكنها كانت تشكل نقاط ضعف في بنية الحوزة تجعلها عرضة للهزات و الانتكاسات، و تأثير الضغوط المختلفة النفسية أو الاجتماعية و الاقتصادية، يعرفها أبناء الحوزة العلمية أكثر من غيرهم.
و قد حاول الإمام الحكيم (قدّس سرّه) إرساء بعض القواعد و الأسس، و تحقيق
[1] التبت: منطقة فقيرة في الباكستان، و كذا (نگر)، و يراد من البربرية: الأفغانيين، و من الشروقية: الشرقيين من مناطق العمارة، و الناصرية، و البصرة. و من العوامل: أبناء جبل عامل في لبنان.