و لو فاته الجميع اختياريا و اضطراريا فقد فاته الحج، و إن كان ناسيا، أو معذورا بأي عذر و إن كان هو التقية (1)، و كان مخالفونا وقفوا يوم التروية بدعوى رؤية الهلال، و لم يمكن التخلف عنهم و لو لإدراك اختياري أحدهما، أو الاضطراريين، أو إدراكهما جميعا ليلة النحر.
______________________________
(1) الذي يقتضيه عموم: «التقية ديني و دين آبائي» [1]، أنه إذا حكم القاضي للمخالفين بثبوت الهلال نفذ حكمه، و جاز ترتيب الآثار عليه، و يقتضيه السيرة القطعية في زمن الأئمة (عليهم السّلام) على متابعتهم في المواقف، من دون تعرض لشيء من ذلك، و في خبر أبي الجارود: «الفطر يوم يفطر الناس، و الأضحى يوم يضحي الناس، و الصوم يوم تصوم الناس» [2]، و قد أشرنا إلى ذلك في شرح الصوم من العروة [3]، و بعض المراسيل الدالة على خلاف ذلك في الصوم غير صالحة للحجية، و أنه من التقية في ترك الواجب، و دليلها لا يقتضي الإجزاء لاختصاصه بالتقية في أدائه، و منه ما نحن فيه، فالمقايسة بين المقام و إفطار يوم العيد غير ظاهرة.
هذا بالنسبة إلى الوقوف، و أما بالنسبة إلى سائر الأعمال مثل مناسك منى و مكة فمقتضى السيرة، و خبر أبي الجارود جواز الإتيان بها يوم الشك، و أما عمومات التقية فلا تقتضي ذلك.
هذا كله مع احتمال الموافقة في حكمهم، أما مع العلم بالخلاف فالسيرة في مثله غير ثابتة، و خبر أبي الجارود يختص بيوم الشك، فلا يشمل المقام، فلم يبق إلا عمومات التقية، و اقتضاؤها للإجزاء يتوقف على بنائهم على صحة حكم الحاكم مع العلم بالخلاف، كما هو الظاهر.
[1] وسائل الشيعة: ب 24، الأمر و النهي- كتاب الأمر بالمعروف-، 3، 23.