للإنسان أن يتكامل فيها. و التكامل لا يحصل الا من خلال العمل و التطبيق و العمل لا يكون الا من خلال الحكم الشرعي، و الحدود الإلهية.
و العلاقة الأخلاقية، كما تتصورها هذه المدرسة بين الإنسان و اللّه تعالى، هي علاقة العبد بالمولى، و المطيع بالآمر، و المحكوم بالحاكم.
و لهذه المدارس في منهاجها آثار نفسية، و سلوكية، و اجتماعية على ملتزميها، قد تتداخل، أو تختلف، أو تتكامل [1]، و يتوقف ذلك بشكل إجمالي على حفظ الموازنة بين هذه الخلفية الأخلاقية.
و لا نريد هنا أن نعرف الموازنة و لا التمييز و التفاضل و الترجيح بين هذه المدارس، و لكن يبدون من الواضح- و اللّه العالم- أن المدرسة الثالثة في توجهها و منهجها و سلوكها، تشكل الأساس الذي لا يمكن العدول عنه، بل يمكن الإضافة إليه و التكامل فيه.
هذا كله من قطع النظر عن أصول هذه المدارس، و الاستدلال الذي يستخدمه أصحابها لتأكيد صحتها، استنادا إلى الكتاب الكريم أو الأحاديث الشريفة، و السيرة النبوية، أو سيرة الأئمة المعصومين.
و لعل أهم ما تختلف فيه المدرسة الأخيرة عن المدرستين الأوليتين عادة، و في السيرة الخارجية لها نقطتان مهمتان:
أحدهما: ان منهج المدرسة الأخيرة، واضح من خلال الحكم الشرعي، و الحدود الإلهية، فهي تشخص المحتوى الأخلاقي و مضمونه، و في نفس الوقت تحدد الطريق للوصول إليه استنادا للحكم الشرعي، الذي وضع تحت نظر عامة الناس، و في متناول أيديهم.
بخلاف المدرستين الاخريتين اللتين تحتاجان إلى استنباط منهج للأصول، أو مستوى معين من الإدراك و المعرفة.
[1] يمكن أن نجد حالة التكامل هذه واضحة في شخصيات الأنبياء و الأوصياء و أئمة أهل البيت (عليهم السّلام)، و لعل ما اثر عن شخصية الإمام علي (عليه السّلام)، ما يجسد هذا الأمر، و لذا قيل عنه انه يجمع المتناقضات، بل في الحقيقة هو يجمع الكمالات.