إن عليه ما يراه
من المصلين من تحريك الشفة واللسان ، ولم يعتبر فيه عقد القلب بالقراءة لعدم
إمكانه كما صرح به أيضا ، وعليه يكون حينئذ مثله خارجا عن عبارات الأصحاب ، وانها
انما تتم في الأخرس الذي يسمع ويعقل ويعرف القرآن والذكر ، أو يعرف أشكال معاني
الحروف إذا نظر إليها ، إلا أنه لا يستطيع التلفظ بها لعارض عرض له في لسانه مثلا
، وهو ـ مع اقتضائه التخصيص من غير مخصص ، بل يقتضي إخراج المعروف من أفراد الخرس
ـ يمكن دعوى عدم وجوب حركة اللسان في مثله ولا الإشارة بالإصبع ، بل يكتفى توهم
القراءة حينئذ توهما ، ضرورة كونه كمن منعه من القراءة خوف ونحوه الذي وردت النصوص
فيه بما ذكرنا ، كخبر علي بن جعفر [١] المروي عن قرب الاسناد سأل أخاه موسى عليهالسلام « عن الرجل يصلح
له أن يقرأ في صلاته ويحرك لسانه بالقراءة في لهواته من غير أن يسمع نفسه قال : لا
بأس أن لا يحرك لسانه يتوهم توهما » وخبره الآخر [٢] المروي في قرب
الاسناد سأله أيضا « عن الرجل يقرأ في صلاته هل يجزيه أن لا يحرك لسانه وأن يتوهم
توهما؟ قال : لا بأس » ومرسل محمد بن أبي حمزة [٣] عن الصادق عليهالسلام « يجزيك من القراءة معهم مثل حديث النفس » وغيرها مما ورد
به الأمر من القراءة في النفس ونحوها ، فما في كشف اللثام من إيجاب حركة اللسان
على الأخرس المزبور ، بل ظاهره انه هو المراد من عبارات الأصحاب المحكوم فيها
بالأحكام السابقة لا يخلو من نظر ، كما أنه لا يخلو ما فيه من أن ما في كتب الشهيد
من عقد القلب بالمعنى مسامحة يراد به العقد بالألفاظ ، على أنه انما ذكر معنى
القراءة ، وقد يقال : معناها الألفاظ وإن أراد معانيها فقد يكون اعتبارها لأنها لا
تنفك عن ذهن من يعقد قلبه بالألفاظ إذا عرف معانيها من النظر المزبور ، وكأن الذي
أوقعه في ذلك تفسير الأخرس بما عرفت.
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٥٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٢.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ٥٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٤.
[٣] الوسائل ـ الباب
ـ ٥٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٣.