بالمعنى ، مضافا
إلى عدم وجوب ذلك على الناطق فضلا عنه ، ومن هنا قال في كشف اللثام : المراد عقد
القلب بإرادته الصيغة وقصدها لا المعنى الذي لها ، إذ لا يجب إخطاره بالبال ، وفيه
مع أنه خلاف الظاهر أنه انما يتم في الأخرس الذي سمع التكبيرة وأتقن ألفاظها ولا
يقدر على التلفظ بها أصلا ، ضرورة عدم إمكان ذلك في الخرس الذي يكون منشأه الصمم
خلقة أو عارضا كالخلقة ، كما أنه كذلك بالنسبة إلى عقد القلب بالمعنى إذا لوحظ
إضافته إلى الصيغة ، ولعلهم لا يريدونه ، بل المراد المعنى الذي يمكن تفهيمه إياه
بالإشارة ، وكأن اعتبارهم له بناء على أن الذي هو بدل عن اللفظ في التفهيم ليس إلا
هذه الإشارة المستلزمة لتصور المعنى ، بل يمكن دعوى إشعار الإشارة بالإصبع في
الخبر المزبور به ، إذ من المستبعد إرادة التعبد منها محضا ، كما أنه من الممتنع
إرادة الإشارة بذلك إلى نفس اللفظ الذي هو الدال في بعض أفراد الخرس ، وعدم إيجاب
إخطار المعنى على الناطق بل ولا معرفته أصلا ، اعتمادا على اللفظ الدال في حد ذاته
عليه ، بخلاف الإشارة التي لا تكون كاللفظ في تفهيم المعنى ، إلا أن يعرف المشير
المعنى ويذكر ما يدل عليه من الحركات والكيفيات الفعلية ، ومن هنا استحسن في كشف
اللثام نفسه ترك التقييد بالإصبع في نحو عبارة الكتاب ، قال : لأن التكبير لا يشار
اليه غالبا بها ، وانما يشار بها إلى التوحيد ، فحمل ما في الخبر المزبور على
التشهد خاصة.
قلت : يحتمل إرادة
اليد من الإصبع في الخبر جريا على غلبة الإشارة من الأخرس بها ، بل قل ما يتفق
إشارته بغيرها مستقلا عنها ، ولعل معنى التكبيرة يبرزه بها أيضا ، فلا يكون حينئذ
ما في الخبر راجعا إلى التوحيد خاصة ، كما أنه بذلك يظهر وجه تقييد الأكثر بها
تبعا للنص ، وقال في المدارك كغيره : إن الإشارة لما كانت تقع للتكبير وغيره
احتاجت في التشخيص له إلى عقد القلب بالمعنى ، وليس المراد المعنى المطابقي ، بل
يقصد التكبير والذكر والثناء في الجملة ، ولا بأس به ، ضرورة العسر