المراد بالأمارات
، وإن كان في تعليله السابق نظر ، كالذي في المسالك ، قال في شرح المتن : ليس المراد
بالأمارات هنا ما هو مذكور في كتب الفقه لتحصيل الجهة كالجدي ونحوه ، فان تلك
مفيدة للعلم بالجهة إذا أحرزت على وجهها ، بل المراد بالأمارات المفيدة للظن
الرياح الأربع ومنازل القمر ونحوهما مما لا ينضبط غالبا ، فإنهم جوزوا التعويل
عليها عند تعذر غيرها من الامارات المفيدة للعلم بالجهة كالكواكب ، أما الرياح
فإنما تكون علامة عند تحققها ، ولا يكاد يتفق لغير الماهر في معرفة طبائعها
ومنازلها ومثار أفعالها إلا مع العلم بالجهات الأربع ، ومعه يستغنى عن الاستدلال
بها ، وأما القمر فإنه يكون ليلة سبع من الشهر في قبلة العراقي أو قريبا منها عند
المغرب ، وليلة الرابع عشر منه نصف الليل ، وليلة الحادي والعشرين عند الفجر ، إلا
أن ذلك كله تقريبي لا يستمر على وجه واحد ، لاختلاف حركات القمر ، فلذلك اشترط
التعويل عليها بفقد العلامات الثابتة كالجدي ، وقد تبع فيما ذكره أخيرا ما في جامع
المقاصد ، حيث قال بعد ما ذكر جملة من الكلام : فيستفاد من قول العلامة : «
والقادر على العلم » إلى آخره. أن القادر على القبلة حال استقامته مثلا لا يكفيه
التعويل على كون القمر ليلة السابع من الشهر في وقت المغرب محاذيا لقبلة المصلي ،
وليلة الرابع عشر منه نصف الليل ، وليلة الحادي والعشرين منه عند الفجر ، فإنه
ينتقل في المنازل ، فيغرب في ليلة كونه هلالا على نصف سبع الليل ، لأن ذلك تقريبي
يزيد وينقص ، إلى غير ذلك من كلماتهم التي لا يخفى عليك ما فيها بعد الإحاطة بما
قدمنا.
وكيف كان فلا ريب
في تقدم هذه الامارات على الاجتهاد ، وأما جواز العمل بها بناء على أنها انما تفيد
الظن مع التمكن من العلم الحسي ففيه وجه إذا لم يعلم مخالفتها له ، حتى القمر عند
من جعله علامة بسبب مراعاته له في سائر الفصول مقايسا له بالجدي الثابت كونه علامة
، لكن يظهر من جماعة اشتراط جواز العمل بها بانتفاء العلم ، وللنظر