ولا شيء من بول وروث ما يؤكل لحمه معتادا أولا
بنجس عندنا ، نعم يكره بول البغال والحمير والدواب وما عن ابن الجنيد من نجاستهما
من الخيل والبغال والحمير ضعيف ، بل كاد يكون شاذا وإن حكي عن الشيخ موافقته في
النهاية ، إلا أنها ليست كتابا معدا للفتوى والعمل ، بل كثير منها مضامين أخبار بصورة
الفتوى كما لا يخفى على الخبير الممارس ، على انه قد رجع عنه في المبسوط كما قيل ،
للأصل بل الأصول والعمومات والعسر والحرج والسيرة المستقيمة ، وقاعدة دوران
النجاسة والطهارة على حرمة اللحم وحليته المستفادة من النصوص [١] المستفيضة
المعتبرة منطوقا ومفهوما ، والفتاوى ، بل ظاهر هما انها من المسلمات الواضحات حتى
عند السابقين من الرواة ، كما أشرنا إلى ذلك في أول بحث النجاسات ، بل في الغنية
الإجماع عليها ، كما في آبار السرائر ، وباب تطهير الثياب منها ذلك أيضا بالنسبة
إلى الطهارة ، قال في الموضع الأول : « أجمع الصحابة وتواتر الأخبار على أن مأكول
اللحم من سائر الحيوان ذرقه وبوله وروثه طاهر ، فلا يلتفت إلى خلاف ذلك من رواية
شاذة أو قول مصنف غير معروف ، أو فتوى غير محصل » إلى آخره. بل حكى فيه أيضا عن
المبسوط ما يظهر منه الإجماع على ذلك أيضا ، بل في معتبر المصنف « وأما رجيع ما
يؤكل لحمه وبوله فطاهر باتفاق علمائنا » لكنه ذكر الخلاف بعد ذلك في أبوال الدواب
الثلاثة ، ولعله لا منافاة لاحتمال ابتناء القول بنجاستها على عدم أكل لحمها.
كما أشار إليه في
المنتهى ، حيث نسب طهارة بول ما يؤكل لحمه إلى علمائنا أولا ثم ذكر الخلاف بعد ذلك
في أبوال الثلاثة ، وقال : « إن الخلاف فيها مبني على أنها هل هي مأكولة اللحم
أولا؟ » وذكر أيضا بعد ذلك أن مذهب علمائنا طهارة روث ما يؤكل لحمه ، ولم ينقل
خلافا فيه بيننا ، بل نص بعده على أرواث البغال والحمير والدواب ،
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٩ ـ من أبواب النجاسات ـ الحديث ٤ و ٨ و ١٣ و ١٨.