فلعل ما ورد في
الأخبار الكثيرة ـ من تكفير منكر علي (ع) ، لأنه العلم الذي نصبه الله بينه وبين
عباده [١] وانه باب من أبواب الجنة من دخله كان مؤمنا ومن خرج منه كان كافرا [٢] وتكفير منكر مطلق
الامام [٣] وان « من لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية » [٤] ـ محمول على إرادة
الكافر في مقابل المؤمن بالمعنى الثاني ، ونجاسته بهذا المعنى محل البحث ، إذ
العمدة في دليلها عموم معاقد الإجماعات السابقة ، ومن المعلوم إرادة غيره منها ،
وكيف لا والمشهور هنا شهرة كادت تكون إجماعا بل هي كذلك كما عرفت على الطهارة ،
على أن ما فيها من العموم اللغوي انما يراد به عموم أفراد معنى من معاني الكفر لا
عموم معانيه.
نعم هو بالمعنى
المزبور أخبث باطنا منه بغيره ، بل أشد عقابا ، كما يشير اليه قول الصادق عليهالسلام[٥] : « أهل الشام شر
من أهل الروم ، وأهل المدينة شر من أهل مكة ، وأهل مكة يكفرون بالله جهرة » كقول أحدهماعليهماالسلام[٦] : « إن أهل مكة يكفرون
بالله تعالى جهرة ، وأهل المدينة أخبث منهم سبعين ضعفا ».
بل هو المعلوم من
مذهب الشيعة ، كما علم منه ثبوت كفرين عندهم دنيوي وأخروي ، وخلاف نادر منهم لو
تحقق غير قادح أو محمول على إرادة تنزيله منزلة الكافر فيما يتعلق بالأمور
الأخروية من شدة العذاب والخلود فيه ، كما هو ظاهر المنساق إلى الذهن من ملاحظتها
، بل من أعطى النظر والتأمل فيها يقطع بإرادتهم عليهمالسلام بيان دفع وهم احتمال حصول ثواب لهم ، أو مرتبة أخروية ، أو
امتياز عن الكفار
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٦ ـ من أبواب حد المرتد ـ الحديث ٤٨.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ٦ ـ من أبواب حد المرتد ـ الحديث ٤٩.
[٣] الوسائل ـ الباب
ـ ٦ ـ من أبواب حد المرتد ـ الحديث ١٨.
[٤] الغدير للأمينى
ـ ج ١٠ ص ٣٦٠ المطبوع بطهران عن شرح المقاصد للتفتازاني ج ٢ ص ٢٧٥.